الثورة الخضراء في إيران وموقف البيت الابيض

حتى الآن يتردد البيت الأبيض في اتخاذ موقف أكثر قوة في تأييد المتظاهرين في إيران وتعليق خططه الرامية إلى إجراء حوار مع القيادة الإيرانية.

ولكن مع ورود أنباء متعاقبة عن وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الباسيج والمتظاهرين في طهران، يقول مسؤولون أمريكيون إن هذا القمع الذي يجري على نطاق واسع للمظاهرات قد يؤدي إلى تغيير في موقف واشنطن.

ويدرس محللون ودبلوماسيون أمريكيون كيف ساهمت مقترحات الرئيس أوباما الخاصة بفتح حوار مع طهران، إضافة إلى عوامل داخلية، في دفع عجلة الأحداث الأخيرة في إيران.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة رفع الرئيس أوباما من لهجة التحذير الموجه للقادة الإيرانيين عندما لفت أنظارهم إلى أن "العالم يراقب".

وقال أوباما في مقابلة تليفزيونية يوم الجمعة مع شبكة سي بي إس "إن الطريقة التي يتعاملون بها مع الذين يرغبون في إسماع أصواتهم عبر الوسائل السلمية، تبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي تكشف حقيقة إيران".

وأضاف في بيان صدر يوم السبت: "إننا ندعو الحكومة الإيرانية إلى وقف كل أشكال العنف والظلم التي تمارسها ضد شعبها".

"النغمة الصحيحة"
وعلى الرغم من المناقشات والانتقادات الكلامية للرئيس أوباما من جانب أعضاء الحزب الجمهوري الذين اتهموه بالضعف والتقاعس عن اتخاذ موقف أخلاقي أكثر شدة، يسود شعور عام في واشنطن بأن البيت الأبيض اختار النغمة الصحيحة حتى الآن، بعد استشارة خبراء الشؤون الإيرانية داخل وخارج الإدارة الأمريكية.

وتمثل التحدي في العناصر الثلاثة التالية:
اتخاذ موقف مساند لمئات الآلاف من الايرانيين الذين خرجوا للتعبير عن رأيهم، وذلك دون إفقادهم مصدقيتهم في بلد توصف فيه الولايات المتحدة بـ"الشيطان الأعظم".

ادانة العنف الذي يستخدم ضد المتظاهرين دون قطع كل السبل لإجراء محادثات مع إيران في حالة بقاء القيادة الحالية في السلطة.

الحفاظ على نغمة حذرة عند الاشارة إلى المتظاهرين دون الوقوع في خطأ تاريخي ينهي إلى الوقوف مع الجانب الآخر في حالة انتصار المعارضة في النهاية.

الموقف الأمريكي المعتدل الذي يتمثل في تكرار طرح امكانية اجراء محادثات مع الحكومة الإيرانية ساهم في تخفيف التوتر الذي تشعر به الأوساط الايرانية المحافظة التي اعتادت على موقف أكثر تشددا من جانب الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس جورج بوش الإبن الذي ضم إيران إلى "محور الشر".


المرشد الأعلى يسعى للاحتفاظ بمفتاح التفاوض مع الغرب في يده
يقول فيليب كرولي المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن مقترحات اجراء حوار مع الحكومة الايرانية يبدو أنها ساهمت في الأحداث الحيوية التي تشهدها إيران حاليا، على الرغم من أن "الجدل القائم هناك هو أساسا، دجل داخلي بين الإيرانيين بشأن مستقبل إيران".

كان من الصعب كثيرا على الادارة الأمريكية ان تؤكد أن الأزمة الحالية في إيران هي أزمة داخلية، وأن الأمر يرجع إلى الإيرانيين في تقرير من يريدون أن يتولى قيادتهم.

وخلال اندفاعهم إلى الشوارع للتعبير عن رأيهم، أخذ الإيرانيون يطلقون الشحنة المكتومة في داخلهم منذ سنوات، ويعبرون عن مشاعر الاحباط بسبب الفشل الذريع للسياسة الاقتصادية، وسوء الإدارة، وقمع الحريات الاجتماعية، وتصاعد التوتر مع العالم الخارجي، خلال السنوات الأربع لوجود الرئيس أحمدي نجاد في قمة السلطة. ويأمل كثير من الايرانيين في أن يأتي رئيس أكثر رغبة في المصالحة، يمكنه الاستجابة لمبادرة الرئيس أوباما.

الإعلان الأمريكي
في الوقت نفسه يقول محللون ودبلوماسيون غربيون إن المتشددين يعملون من أجل ضمان أن يبقوا الطرف الرئيسي الذي يمكنه التفاوض مع الغرب.

يقول صحفي أمريكي من اصل إيراني فضل عدم إعلان إسمه لتفادي مواجهة مشاكل مع السلطات في بلاده عند سفره إلى إيران: "أعتقد ان أحمدي نجاد والمحيطين به كانوا يعدون لهذا الانقلاب من الداخل على أي حال.. لكن ما عرضه أوباما من بدء حوار لعب أيضا دورا".

وعادة ما تستخدم الأنظمة الشمولية التهديدات الخارجية، سواء كانت حقيقية أو وهمية، لحد الشعب حولها واسكات الأصوات المعارضة.

وقد ساهم الاعلان الأمريكي المتكرر عن الرغبة في اجراء حوار مع ايران في تقويض الصورة التي يروج لها أحمدي نجاد واتباعه باعتباره الزعيم القوي الذي يدافع عن إيران ويتصدى للغرب.
يضاف إلى ذلك رسالة أوباما التي وجهها للايرانيين في عيد السنة الايرانية، ودعوته لعدد من الدبلوماسيين الايرانيين لحضور احتفالات عيد الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو/ تموز الذي أحيته السفارات الأمريكية حول العالم.
ويضيف الصحفي الإيراني قائلا: "إن العرض الأمريكي باجراء حوار جعل المرشد العام للثورة الاسلامية آية الله خامنئي يشعر بالتوتر.
لقد تعرضت سلطته للضعف عندما كان الرئيس محمد خاتمي في السلطة، لذلك حرص بعد ذلك على الامساك بمقاليد السلطة في يده، وأراد أن يتحكم تماما بمفتاح اجراء أي حوار مع الغرب".

"سوء تقدير"
ويرى كريم سادجابور الخبير في الشؤون الايرانية أن نتائج الانتخابات جاءت "مزورة"، فقد جاء النظام بنتائج قاطعة محصنة حسب تصوره، إلا أنه أساء التقدير".

ويمضي قائلا: "لقد كان الضعف السياسي والاقتصادي والاجتماعي يختمر خلال السنوات الأربع الماضية، وجاء هذا "الانتخاب" لكي يصبح بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير".

في الخطاب الذي بعث به المرشح المعارض مير حسين موسوي يوم السبت إلى مجلس صيانة الدستور، اتهم النظام بالتخطيط لتزوير الانتخابات قبل أشهر من موعدها، ودعا مجددا إلى الغاء نتائجها.

ومن المثير للسخرية أن يجد المرشد العام نفسه حاليا في مواجهة "ثورة خضراء" في الوقت الذي توقفت فيه الولايات المتحدة عن الدعوة إلى تغيير النظام.
لذا على الرغم من أن نتيجة الصراع على السلطة في ايران ليست واضحة ربما يبدو ان مبادرات الرئيس أوباما باجراء حوار مع ايران قد نجحت في حين فشلت التهديدات السابقة، في هز المؤسسة الدينية الحاكمة في ايران بشدة.
أما الحوار نفسه فربما يكون من الأنسب في الوقت الحالي، تعليقه.
نقلا عن موقع BBC arabic

0 التعليقات:

إرسال تعليق