اليمن السعيد.. الخروج من النفق (3): على قمم جبال اليمن..



أولاد بلا آباء ورجال بلا أسر.. وعجائز بلا أحفادهاربون من العنف القبلي والنزاعات المسلحة يروون حكاياتهم لـ «الشرق الأوسط»

صنعاء: عبد الستار حتيتة

عادة ما يكون أبرز ضحايا العنف والقتال الداخلي في أي بلد هم المواطنين المدنيين الأبرياء، وليس المسلحين الذين لديهم أجندات. وعلى رأس الفئات الأكثر تضررا بالعنف النساء والأطفال. وفي اليمن أصبحت هناك ظاهرة المشردين والنازحين من أعمال العنف التي تنشب لأسباب كثيرة من بينها النزاعات والثارات القبلية بين قبائل مسلحة، والتمرد الحوثي في صعدة الذي أدى إلى نزوح وتشرد الآلاف هربا من أعمال العنف والقتال.

وسط ذلك هناك قصص إنسانية كثيرة تروي معاناة هؤلاء، وكيف تؤثر النزاعات المحلية وأعمال العنف على العائلات وتفرق الآباء والأمهات عن الأطفال. وفي حلقة اليوم من سلسلة التحقيقات الميدانية التي تنشرها «الشرق الأوسط» من اليمن حكايات الهاربين من العنف القبلي والنزاع المسلح.رفع الطفل البالغ من العمر عشر سنوات أنفه أعلى قمة الجبل جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، وقال اسمه واسم مدينته البعيدة، في شموخ: «زياد جبهان، من مديرية آنس بيت جبهان، من محافظة ذمار». ويعيش هذا الطفل بصحبة أشقائه الثلاثة ووالدته، مع عجائز بلا أحفاد، ورجال بلا أولاد وأطفال هاربين جميعهم مثله من العنف القبلي والمذهبي، فوق قمة هذا الجبل الذي يبعد عن مديرية آنس بنحو 70 كيلو مترا. وتقول جارته على قمة الجيل المهجور، وهي عجوز تدعى حاكمة، من منطقة خولان شمال شرقي العاصمة، إنها فرت مع أحفادها هربا من الاقتتال القبلي، وفر معها الكثير من العجائز بأحفادهن، حيث يعيش الجميع هنا «حياة بلا حياة». وتبذل الحكومة ومنظمات حقوقية محاولات لتوفير الحماية لهؤلاء الناس، والقضاء على مسببات العنف، بداية من حظر الدخول بالسلاح في المدن، إلى معالجة عادات الثأر وتقاليد الاقتتال، لكن الأمر يبدو أكثر تعقيدا من مجرد نداءات، لأن المواطنين اليمنيين لديهم، في أحدث تقدير من جامعة تعز، نحو عشرة ملايين قطعة سلاح، ولا يبدو أنهم سيتخلصون من عادات الثأر والاختطاف والاقتتال القبلي والمذهبي قريبا، خاصة أن القتال الدائر بين قبيلتين في محافظة عمران (شمال صنعاء)، قتل فيه نحو 40 طفلا، إضافة لعشرات المصابين الذين سيستكملون حياتهم بعاهات لا يمحوها الزمن. المجلس الأعلى للمرأة اليمنية، يقول صراحة إن التحدث عن العنف ضد المرأة، ما بين قتل وخطف وغيرهما، يعتبر خطا أحمر، وإن المرأة تجني ثمار النتائج التخريبية للنزاعات المسلحة، ولا يُسمح لها بأن تكون شريكة في حل تلك المنازعات أو نشر ثقافة السلام.


وفرَّ «زياد» مع أسرته إلى هنا، حين أصر غرباء عن مديرية آنس، يتبعون المذهب الشيعي، على اقتحام هدوء المديرية وسكانها، لإقامة احتفال بما يعرف بـ«عيد الغدير»، مستخدمين السلاح ضد القبائل السنية التي لا علاقة لها بهذه المناسبة. ورد الغرباء الذين جاءوا من مناطق الحوثيين في شمال غرب البلاد، بفتح نيران أسلحتهم، ورد عليهم بعض أهل المديرية المسلحين بالمثل، وتناثر القتلى والمصابون في الطرقات. ولم تهدأ الأوضاع في المديرية منذ ذلك الوقت حتى الآن.وفي مثل هذه الأجواء القتالية التي لا ينقطع فيها الفر والكر طلبا للثأر، بالرصاص والقنابل اليدوية، من كل جانب من الجانبين، في محيط مديرية آنس، اضطرت أسرة زياد للفرار.

واحتمت أخيرا بقمة الجبل الذي يشرف على وديان وأرض منبسطة قرب منطقة عمرانية جديدة يقع فيها المبنى الجديد لمحافظة صنعاء، حيث يمكن رؤية المبنى، عبر الضباب، من هنا. أي من جوار مسجد أثري موغل في القدم مبني بجانب منحدر من الجبل، اسمه مسجد زيد بن علي. وبسبب العوز وعدم وجود أي مصدر للرزق، تشتت شمل أسرة زياد، ما عدا هو وثلاثة من إخوته أصغر منه سنا، ظلوا، مثل الأشجار النابتة في صخور الجيل، جالسين هناك أملا في عودة الغائبين، وكذلك أملا في انتهاء المشاكل بمديرية آنس، للعودة إلى الديار والأصحاب.قال زياد الذي يحرص على مواصلة تعليمه في الصف الرابع بمدرسة معاذ بن جبل الابتدائية القريبة من المبنى الجديد للمحافظة: «أهلي ذهبوا يبحثون عن الرزق، منذ أشهر». واختفى والده وأحد أشقائه الكبار، في رحلة طويلة لإيجاد فرصة عمل (هو وابنه الكبير) في التجارة في أقصى شمال البلاد، كما يعتقد زياد.وتتبع مديرية آنس محافظة ذمار، التي تحيطها الجبال والوديان والأشجار الخضراء، تحدها من الغرب محافظتا ريمة والحديدة، ومن الجنوب محافظة إب، ومن الشرق والشمال محافظتا البيضاء وصنعاء.

ولقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأصيب ثمانية آخرون حين اندلعت الاشتباكات للمرة الأولى، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.. واستُخدمت في المعارك الأسلحة الثقيلة بين مؤيدين ومعارضين للاحتفال بيوم الغدير. يقول زياد: «وضعت يدي على أذني، وأخذ إخوتي يصرخون ويبكون.. كنا نشعر بأننا سنموت، وكنت، حين يتوقف صوت الرصاص والانفجارات، أجري داخل البيت، وحول البيت، أبحث عن أبي، وعن أمي، وحين يبدأ الضرب من جديد، أعود أجري إلى الداخل، وأحضن إخوتي الصغار، وأقول لهم لا تبكوا، لا تخافوا، وأنا كنت أبكي، لكني كنت أضع يدي على أذني، وأقول لإخوتي بأن يضعوا أيديهم على آذانهم، حتى لا يسمعوا الضرب، لكن الضرب كان يهز البيت.. كان مثل صوت الرعد في وقت المطر».وبعد نحو ساعتين من الرعب والفزع والخوف والبكاء، شاهد زياد والده، ووالدته، وأخاه الكبير، وهم يهرولون قادمين من بيت أحد أقربائهم في الجوار، مستغلين فترة توقف القتال. وكان انطلاق الرصاص قد بدأ من ناحية منزل شيخ بمنطقة المنار القريبة من مديرية آنس، ومعروف أنه من المراجع الشيعية الزيدية في المديرية، وذلك احتجاجا على استقباله رجالا مسلحين آخرين قادمين من منطقة الحوثيين في صعدة للاحتفال، هنا، وعلى غير العادة، بعيد الغدير (يعتقد الشيعة أنه يوم ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ويوافق يوم 19 من ذي الحجة من كل عام، والذي لم يسمع عنه أهل منطقة المنار ومديرية آنس من قبل.«في اليوم التالي بدأوا بخطف الناس، وخفت أن يختطفوا أبي، وأبي خاف أن يختطفوني أنا وإخوتي، أو أن يفجروا منزلنا».

قال زياد.. إذ تمكن أهل منطقتي المنار وآنس، من خطف من 3 إلى 4 أشخاص من الغرباء الوافدين على المديرية، والذين كان عددهم يصل لنحو أربعين رجلا مصممين على إخضاع أهل المنطقة تحت قوة السلاح والمباغتة. وتركت أسرة زياد المنطقة بما فيها من اقتتال وأزيز رصاص، وتفجيرات، وهربت بجلدها، خوفا على حياة أبنائها.ولحرص الأب على مستقبل أبنائه، فقد تركهم في منطقة يعتقد أنها آمنة.. توجد مبان قديمة يعود عمرها لمئات السنين، على رأس الجبل، يحتمي بها زياد وأشقاؤه الثلاثة الأصغر منه. وفي منتصف الجبل، يوجد غدير مياه، في حضن الصخور، وبجواره أشجار، ورجال يرعون الأغنام، ويمنحون اللاجئين في الجبل ما تيسر من طعام. ويبدو أن الأب لديه إيمان عميق بأن الأمور ستتحسن في الأيام المقبلة، إن لم يكن غدا، فبعد غد، وهو ما يفسر إلحاق ابنه زياد بالمدرسة قبل أن تطويه الأيام والشهور.ويستيقظ زياد في الصباح الباكر، وبعد أن يطمئن على والدته وأشقائه، يحمل كتبه وقلمه، ويهبط الجبل في رحلة تستغرق أكثر من ساعة للوصول إلى المدرسة.. يمشي بلا فطور ولا مصروف جيب. ويقضي النصف الأول من النهار يردد الأناشيد وجداول الضرب وراء المعلم، قبل أن يرجع، حيث تكون والدته قد دبرت قسطا من الزاد يبقيه على قيد الحياة.«انتهت امتحانات الصف الرابع، وفي انتظار النتيجة، وأتمنى أن أنجح.. حتى إذا عاد أبي وأخي الكبير، يفرحان، وكذلك تفرح أمي وإخوتي الصغار..» قال زياد، وهو يمد ذراعه فوق كتفي أخويه، وينظر إلى الأفق البعيد، قائلا إنه سيبدأ في العمل في تسوير حديقة رجل موسر له منزل قريب من سفح الوادي، ليتمكن من الإنفاق على أسرته، طوال فترة الإجازة المدرسية.

ومن الجانب الآخر من جدران حجرية مهدمة على قمة الجبل، جاء صوت امرأة عجوز تستطلع الأمر خوفا على زياد وإخوته ووالدته. قالت، بعد أن اطمأنت، إن اسمها «حاكمة» من منطقة خولان، التي شهدت هي الأخرى اشتباكات بين بعض القبائل وبعضها من ناحية، وبعض القبائل المنضمة لحركة التمرد الحوثي من ناحية أخرى، وهي المنطقة القريبة من الأحداث الدامية التي راح ضحيتها العشرات العام الماضي في منطقة بني حشيش، على المشارف الشمالية للعاصمة صنعاء.

وقفت المرأة معتزة بنفسه، كأنها سيدة اليمن بأكمله.. لكن الدموع كادت تطفر من عينيها، كما كان باديا عليها الضمور، والحاجة، والمعاناة.. رددت مقاطع من الشعر متفاخرة بنسبها لقبيلة خولان، في لهجة يمنية قديمة، تشبه تلك التي يقول فيها الشاعر:«أيها السائل عن أنسابنا نحن.. خولان بن عمرو بن قضاعة» «نحن من حمير في ذروتها.. ولنا المرباع فيها والرباعة» وكانت الهموم أكبر من أن تعبر عنها بالأقوال والحكم، فجلست السيدة «حاكمة» على جانب الصخور، وقالت: «جئت هنا، وثلاثة، من خمسة، من أبناء ابني؛ أحفادي، من سنتين.. هم جهال (صغار)، وتعوزهم المراعاة.. جئت من خولان.. هناك قتال بين الناس.. قتلوا أمام عيني اثنين من النسوان، واثنين من الرجال، وقتلوا أغنامهم.. وكَّلْنَا عليهم هذا..»، وأشارت بيديها إلى السماء. وبعد هنيهة من الصمت، تابعت قائلة إن القبائل كانت في السابق تقتل القاتل أو أحد أقاربه المهمين، لكن ومنذ أن أصبح الرجال قادرين على شراء الأسلحة الرشاشة، والقنابل والألغام، أصبح الأخذ بالثأر والاقتتال ينسف البيوت بمن فيها من نساء وأطفال، دون تمييز.. وتقول «إن مثل هذا النوع من الأسلحة أساء لأخلاق القبائل.. ما هكذا كنا نتعامل في اليمن، أين ذهبت شهامة الرجال؟!.. من قبل كان من غير المروءة ولا الرجولة قتل المرأة في الثأر والحرب، وكان من غير المروءة ولا الشهامة قتل الجهّال (أي الذين لم يبلغوا سن الرشد).. اليوم تغير اليمنيون، وإلا أين الرجال ليروا حالنا هنا؟». وبعد أن التقطت أنفاسها، قال حاكمة، التي تعيش على قمة الجبل بين صخور مرصوص بعضها فوق بعض، ومسقوفة بأفرع الشجر والخيش: «هناك أكثر من عشر عائلات تعيش هنا معنا فوق الجبل، هاربين من الثارات والحروب.. عائلة بلا أب، وعائلة بلا أم، وعائلة بلا أولاد.. كلنا قادمون من منطقة خولان، مع آخرين جاءوا من الجنوب.. ومعي جارتي اسمها حليمة، وعمها سعد، وزوجها اسمه محمد، كلهم لا يعملون.. حاول محمد أن يحصل على عمل من ناس يعيشون تحت الجبل، وأعطوه سيارة ينقل بها أشياء لمزرعتهم، وكان يساعدنا بما يحصل عليه من أجر، لكنهم استغنوا عنه، والآن يسرح بأغنام ناس آخرين في الجوار». ويعتمد سكان قمة هذا الجبل على مياه المطر التي تختزنها بئر محفورة في عمق الصخور.ووقعت في المنطقة التي جاءت منها حاكمة العام الماضي اشتباكات، سقط فيها نحو تسعة قتلى وخمسين جريحا من الأطراف المتناحرة لأسباب متداخلة، ما بين اقتتال مذهبي وقبلي وسياسي. فبخلاف المناوشات بين المتمردين الحوثيين والحكومة، شهدت منطقة خولان قبل نحو ثلاثة أشهر اختطاف مسلحين منها لنجل مسؤول محلي يدعى محمد السقاف، من جوار منزله بمنطقة حدة، وقبل أن يتم إطلاق سراحه كان أقرباء له قد قاموا باختطاف عشرة من أبناء خولان كرد انتقامي، في نزاع قبلي من تلك التي تشتهر بها اليمن بسبب الصراع عن أراض أو نفوذ أو غيرها من الخلافات التي يمكن حلها بالقانون.وتتطلع «حاكمة» إلى سرعة بسط الحكومة لسلطانها على الأراضي والقبائل والفِرق التي أصبحت تقتل بلا تمييز.. «أنا بحاجة لأن أعود إلى خولان.. أريد أن أستكمل أوراقي لاستخراج بطاقة هوية، لكي يمكنني الحصول على علاج مجاني ومعاش من الحكومة».وإضافة لمساعي الحكومة للحد من العنف الاجتماعي والسيطرة على أحداث العنف في شمال البلاد وجنوبها، تصدر المنظمات الحقوقية نداءات بين وقت وآخر تطالب فيها بتوفير الحماية للأطفال من أمثال «زياد»، وللسيدات مثل «حاكمة»، لكن الأمر يبدو أكثر تعقيدا من مجرد نداءات، لأن رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة باليمن، أحمد القرشي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء الضحايا يفرون من العنف القبلي شديد الوطأة، وإما أن يشاركوا في القتال أو يفروا هائمين على وجوههم.. وأضاف أن «القتال الدائر منذ أكثر من عشرة أشهر في منطقة القبائل بمحافظة عمران (شمال صنعاء)، سقط فيه نحو مائة قتيل، 40% منهم دون السن القانونية»، مشيرا إلى أن 50% من المقاتلين في هذه الحروب القبلية هم من الأطفال الذين يتم استخدامهم في إطلاق النار وكمساعدين أيضا في حوادث الاقتتال. وأصدرت سياج نداء إنسانيا عاجلا توجهت به إلى الفئات القبلية المتقاتلة في محافظة عمران وغيرها من مناطق الحروب القبلية في هذا البلد، إلى العودة لأحكام وأعراف القبائل وشيمها في تجنب قتل أو استهداف الأطفال والنساء في حروبهم، وعدم إطلاق النار على المدنيين غير المشتركين في القتال.ودعت «سياج» المعنيين من مسؤولي الدولة ومشايخ القبائل ورجالاتها إلى سَن عقوبات رادعة بحق أي طرف يثبت أنه يقوم باستهداف الأطفال والنساء أو إشراكهم في عملياته القتالية سواء كمقاتلين أو مساعدين أو مقدمين لدعم لوجيستي أو غير ذلك من أشكال الإشراك التي تعرض حياتهم للمخاطر.ويتعرض الأطفال والصبية للخطف كوسيلة من وسائل الضغط، وحل النزاعات التي تمارسها بعض القبائل ضد الأخرى، ولا تسلم عمليات اختطاف من مصرع الطفل، سواء بطريقة متعمدة من الخاطفين، أو أثناء محاولة ذويه تحريره منهم. ويقول «القرشي» إن مركزه أجرى دراسة ميدانية على 1100 من الأطفال في سن (7 إلى 15 سنة) عن الآثار النفسية والسلوكية لما يتعرض له الأطفال من عنف، متخذا الاقتتال الدائر بين القوات الحكومية والمتمردين في شمال غربي العاصمة صنعاء، مثالا، في الفترة من 2004 إلى 2008، وتبين من ذلك أن 63.1% تراودهم كوابيس وأحلام مزعجة، و45.5% منهم يعانون الخوف من أشياء طبيعية معتقدين أنها غير طبيعية.ويضيف القرشي: «وجدنا أيضا مشاكل أخرى بسبب أحداث العنف هذه، منها ظهور مشكلة التبول اللاإرادي أثناء النوم، حيث أشارت النتائج إلى أن 21.6% يعانون من التبول اللاإرادي أثناء النوم (النسبة الطبيعية 15%)، والتبول اللاإرادي أثناء اليقظة بنسبة 5.7%، واللجوء إلى الانطواء والعزلة بنسبة 21.5%، والشعور بالرغبة في البكاء بنسبة 16%، فيما يعاني 4.8% من الإغماء وفقدان الوعي بسبب سماع أصوات تشبه الانفجارات، و3.3% يعانون من الإغماء لمجرد رؤيتهم للمسلحين أو سماعهم صوت الرعد أو الرصاص».ويوضح أن هذا مؤشر غير جيد، خصوصا أنه يقع في مجتمع قبلي مسلح يعتاد الأطفال فيه على مثل تلك الأمور من دون أي مشكلات تذكر، قائلا فيما يتعلق بالمشكلات الأخرى التي تغير مسار حياة الأطفال، سواء الذين تعرضوا للعنف بشكل مباشر، أو شاهدوه، أو سمعوا به «ما شعور الأطفال حين يعلمون أن قبيلة اختطفت طفلا كان عمره 15 سنة، ومكث لدى خاطفيه سنة بسبب خلافات بين القبيلة الخاطفة ووالده؟.. ما شعور أشقائه طوال هذه المدة؟.. ما شعور أطفال جيرانه؟.. هذا تأثيره مرعب على الأطفال».
ويشير القرشي إلى أن العام الجاري (2009) شهد 5 وقائع اختطاف معلومة، على الأقل، أشهرها اختطاف مسلحين من إحدى القبائل للطفل البالغ من العمر 12 سنة، خالد الجلال، من حارة مدبح بصنعاء، أثناء خروجه من المدرسة، واحتجازه في مدينة مأرب على بعد 125 كلم عن العاصمة، عقابا لأسرته التي حصلت على حكم قضائي بأحقيتها في أرض كان الخاطفون يضعون أيديهم عليها. ويبلغ إجمالي ما يحوزه اليمنيون من سلاح نحو عشرة ملايين قطعة سلاح، في أحدث تقدير لأستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، الدكتور عبد السلام الدار، مشيرا إلى تنوع العوامل التي ساهمت في انتشار الأسلحة في أيدي اليمنيين، منها ما نسبته 81.8% بسبب ضعف القضاء، و82% لعدم وجود حلول لإنهاء ظاهرة الثأر، و78.9% بسبب هيمنة القبيلة، و86.1% للعادات والتقاليد.وتزيد معاناة الأطفال (من هم أقل من 15 سنة) الذين يشكلون نحو 47% من السكان، حسب تقرير التنمية البشرية.. فبالإضافة إلى مشكلة التعرض للاختطاف، هناك الحرمان من الأسرة، لأسباب كثيرة من بينها العنف القبلي.. ويقدر عدد الأطفال الأيتام بحسب تقرير صادر عن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة باليمن بنحو 33180 منهم 2432 في مؤسسات اجتماعية رسمية و748 في مؤسسات اجتماعية أهلية، ويقول مسؤول حكومي إن أسر يمنية تكفل بعضا من المتبقين البالغ عددهم نحو 30 ألف يتيم تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و16 سنة.وتقول اللجنة الوطنية للمرأة، التابعة للمجلس الأعلى للمرأة اليمنية، إن «العنف ضد المرأة يأخذ أبعادا اجتماعية وثقافية في بلادنا» و«التحدث عنه أو الخوض فيه يعتبر خطا أحمر»، ومع ذلك أشارت اللجنة الوطنية في تقرير لها أشرفت على إعداده رئيسة اللجنة رشيدة الهمداني، إلى أن «عدد الفتيات المعنفات من الأحداث 481 فتاة، توزع حالات العنف ما بين اغتصاب وقتل عمد وهتك عرض وخطف»، وأن عدد المجني عليهن من النساء بلغ 2194. وعن النزاع المسلح، قالت اللجنة: «لم تكن النساء عادة طرفا في حل النزاعات المسلحة، وإنما تجني ثمار نتائجها التخريبية».
وقال التقرير: «لا يسمح للمرأة بأن تكون شريكة في حل المنازعات المسلحة أو نشر ثقافة السلام، وإنما تتجرع مرارة الحروب، وتجني ثمارها عنفا واغتصابا وتشردا وضياعا».
* العجوز «حاكمة ابنة خولان»: «الرجال تغيروا.. أصبحوا يأخذون الثأر بنسف البيوت بمن فيها»
* الطفل «زياد بن جبهان» من مديرية آنس: خافت أسرتي من المسلحين فتركنا منزلنا.. وسأواصل دراستي من فوق الجبل
* رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة باليمن: 40 قتيلا من الأطفال في «ثارات قبلية» شمال صنعاء.. و50% من المقاتلين أطفال
* المجلس الأعلى للمرأة اليمنية: المرأة تجني ثمار النتائج التخريبية للنزاعات المسلحة ولا يسمح لها بأن تكون شريكة في نشر ثقافة السلام.. والبعض يعتبر الحديث عن العنف تجاهها خطا أحمر.
من ملف جريدة الشرق الاوسط عن اليمن

0 التعليقات:

إرسال تعليق