الجماعات المنظرة للفكر الاثنى عشري والسني المتطرف الحالية (ج -1-)

لنقترب من رؤية ذاخلية لفكر تلك الجماعات سنتناول الطوائف التي لازالت إلى يومنا هذا مستمرة بفكرها وأتباعها, كيف نشأت وماكانت أفكارها؟ وأين يتمركز أتباعها حاليا؟

الاسماعلية
تشترك الاسماعيلية الاثناعشرية مع الموسويين الاثنى عشرية بمفهوم الائمة المنحدرين من النبي محمد صلى الله عليه و سلم وابنته فاطمة رضي الله عنها ولكن انشق الاسماعيليون عن جمهور الشيعة الاثناعشرية عند الامام السادس (جعفر الصادق) ومن سيخلفه من ابنائه. فجنح الاسماعيليون مع ابن جعفر الصادق الاكبر "اسماعيل" بينما تبنى الموسويون ابنه الاصغر "موسى الكاظم".

ولكي يكتسح التشيع المجتمع المصري ذو الخلفية السنية أنذاك, كان لبد من إستخدام أساليب ماكرة, فقد كان أول عائق أمام الفاطمين هو الوسطية والنظام الاجتماعي الذي كانت تتمتع به كل المجتمعات السنية أنذاك, فتم بأمر الخليفة السيطرة على كل المدارس والجامعات, وتم توظيف معلمين ماهرين في نقل الافكار والاقناع, حيث نجحوا في أن يجعلوا تلاميذتهم يعتقدون أنهم يمتلكون قوى خفية وحكمة من الله, ببركة الخليفة الذي يتلقى ذلك الوحي من السماء باعتباره المهدي المنتظر حسب زعمهم.
وقد أولى الخليفة كل الاهتمام بمعلمي تلك المدارس, فكان يختارهم بنفسه ويشترط فيهم أن يكونوا من أكبر العائلات ومعظمهم كانوا من حاشيته ومن كبار رجال الدولة, كرئيس القضاه وقائد الجيش وخيرة وزرائه. وكان يغلب على تلك المدارس طابع الصرامة والحزم في تطبيق تعاليم الخليفة وتوجيهاته, فكان أمام أولئك المعلمين إقناع طلابهم بالمذهب الجديد بكل الوسائل والطرق الماكرة, وكان الخليفة يراجع تلك الدروس بنفسه ويوقعها على قبولها والتي كانت تشمل الرجال والنساء. وبعد نهاية تلك الدروس كان على الطلاب تقبيل ختم الخليفة باعتباره المهدي المنتظر.
ومع أنه فرض مذهبا جديدا إلا أن ذلك لم يتعارض مع إثرائه لمكتبات تلك المدارس بأعظم المخطوطات والكتب القيمة, فالعلم الخارجي لم يتعارض مع إدعائه النبوة, لأن كل تلك الكتب كانت تعلن عن ظهوره وعن علامات يوم القيامة, وعليه اهتمت تلك المدارس بتحويل أفكار طلابها كليا, عبر خطة تعليمية على تسع مراحل, شكلت درجات الارتقاء في سلم الطائفة.
وتكون البداية بزرع الشك في عقول الطلبة حول مختلف الافكار الاجتماعية والدينية والسياسية, بإستخدام التشابيه والايات المتشابهة, وعبر النقاش المعتمد على إنهاك رصيد معلومات أولئك الطلاب, فينتهي بهم الامر إلى أن يعتقدوا بأن كل المعلومات السابقة كانت خاطئة إما لتحيز معلميهم السابقين أو جهلهم. والهدف من ذلك هو تطويع الطالب للالتفاف حول شخصية معلمه بإعتباره المصدر الوحيد للمعلومة الصحيحة والصادقة حول مجمل الحقائق, وأن كل حقيقة موجود جزء منها بذاخل كل شخص لكنها تنتظر القدر لكي تعلن عن حاجتها في الاكتمال مع الجزء الاخر الذي يملكه العارف الحكيم, حيث كانوا يأسسون نظريتهم تلك على قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام.
بعد إقتناع الطلبة بتلك النظريات يتم عرضهم للقسم والحفاظ على سرية المعلومات التي تمكنه من القبول به كفرد في الطائفة كدرجة أولى من الارتقاء.
أما الدرجة الثانية فيلقن الطالب معرفة جديدة أساسها أن الائمة الاثنى عشر هم وحدهم من يملكون المعرفة بعد النبي محمد عليه الصلاة والسلام, وأن علمهم لايكون إلا للخاصة, وهو الان ملك للطالب بإعتباره أصبح من أتباعهم المختارين.
وهنا علينا الاشارة إلى أن أسطورة الائمة الاثنى عشر ليس لها أي مرجع من القرآن أو السنة, بقدر مالديها أدلة إرتباط بالمعتقدات الوثنية القديمة المثمتلة في عبادة الكواكب لدى الحضارات الوثنية القديمة

عند التأكد من أن الطالب كان يرى في كل معلومة وعمل يقوم به معلمه شيئا خارقا للعادة, ويتم التأكد من إكتمال قناعته بتلك الافكار, يتم نقله إلى الدرجة الثالثة, حيث يتسلم مفاتيح أسرار القوى الخفية التي في اعتقادهم يهبها الله لأتباع الامام المبشرين بالحكمة. وهي سبعة أسماء سرية للأئمة, وهنا يتهيأ الطالب لخدمة الطائفة.

في الدرجة الرابعة, يتلقى الاسماء السرية التي تمنح له لتكتمل معرفته الالهية وهي, آدم, نوح, إبراهيم, موسى, يسوع, محمد, إسماعيل. وكذلك أسماء مساعديهم وهم شيت وشيم وإسماعيل وهارون وشمعون وعلى ومحمد بن إسماعيل, وشخصية أخيرة تكون روح لميت عزيز أو معروف يكون رسوله للمعرفة بينه وبين تلك الشخصيات, هذا دون أن ننسى أن الطالب لايزال يعتقد أنه يتلقى تلك التعاليم بأمر من الله وهبة منه باعتباره من المختارين ذوي العلم الرباني أمثال العبد الصالح, سيدنا الخضر (ع).

في الدرجة الخامسة يتم تلقين الطالب الذي تسلح بقواه الربانية حسب توهمه, كيفية السيطرة على الاخرين من خلال التركيز الشخصي والتأمل ضمن خلوة, وذلك بترديد كلمة سر تعطى له لفترة طويلة, وتحريك عينه بين نقطتين بلونين مختلفين.

في الدرجة السادسة, يتم تلقينه طريقة النقاش التحليلي المدمر من خلال المرور بامتحانات قاسية للسيطرة على أعصابه حتى يتم التعود على عدم التفوه بأي سر من أسرار جماعته, وكذلك كيفية السيطرة على خيوط أي نقاش لصالحه.

في الدرجة السابعة, يجب على الطالب في هذه مرحلة أن يرى فيها, أنه أقوى من كل المخلوقات, لأنه يملك مساعدة القوى الغامضة الخفية المثملة في رسوله مع الشخصيات السرية.

أما في الدرجة الثامنة, لبد أن يخرج منها الطالب على قناعة بأن دينه والعلوم التي يعرفها سابقا وكل الحقائق التي يعلمها عن مجتمعه كلها خداع, وأن بإمكانه تحقيق كل شيء عن طريق القوى الخفية التي منحت له ككل المختارين من أتباع الامام.

وتأتي الدرجة التاسعة, لتكشف له عن السر, بأنه لم يكن هناك شيء أسمه إيمان وكل مايهم هو العمل, وأن من يمتلك المؤهلات للقيام بأي عمل لأجلها, فهو رئيس الطائفة أو مندوبها في مكان آخر جديد.

وقد نجح الفاطميون الاسماعليون في السيطرة على القاهرة لوقت طويل, وشهدت مصر معهم حوادث غريبة لحكامها الاسماعليين الذين تعاقبوا عليها, من منعهم لأشياء وفرضهم لأشياء غريبة, كمنع خروج النساء من بيوتهم لمدة 7 سنوات وإلزام الرجال والنساء بإرتداء ألوان معينة في أوقات معينة, ومنع تناول الأطعامة باللون الاخضر, وذلك لأن الطريقة الاسماعلية كانت تعتمد على غسيل للدماغ بالألوان الطبيعية السبعة في ثنائية كالتالي.. وهي الابيض والازرق \ الابيض والاصفر \ الازرق والاصفر \الاخضر والاسود \ الاحمر والابيض \ البني والابيض..
لم يتمكن الفاطميون من المحافظة على توسعهم والسيطرة على الامبراطورية الاسلامية, فقد كان للامتداد التركي دور في القضاء عليها تدريجيا, ولكنها خرّجت عددا من الاتباع الذين نجحوا في التبشير بتعاليمها وخلق جماعات لاتزال قائمة إلى يومنا هذا, مؤمنين بالنبؤة التي تقول بأن الامر بالله سيعود في آخر الزمان ليجد أنصاره وأموالهم وعتادهم في إنتظاره وتحت إمرته!!

ولعل معظم جمهور الاسماعيلية يتمركز في شبه القارة الهندية والسعودية وسوريا واليمن وشرق القارة الافريقية. وفي الاونة الاخيرة، انتشرت الاسماعيلية في القارة الاوروبية وامريكا الشمالية نتيجة هجرات الاسماعيليين لتلك الاماكن.
و قد ذكر "الأمام" الأمير أغاخان الثالث في مذكراته المنشورة أن الإسماعيلية في عصره تتواجد في بعض المناطق من صعيد مصر، وهو إمتداد للوجود الإسماعيلي في مصر سواء في العصر الفاطمي و بعده حيث يذكر شمس الدين الدمشقي و الذي عاش في العصر المملوكي ( القرن الثامن الهجري ) في مصنفه نخبة الدهر عند حديثه عن بلدة أصفون القريبة من الأقصر أنه وجد بها: (( طائفة من الإسماعيلية و الإمامية و طائفة من الدرزية و الحاكمية )).

ويتزعم الاسماعلية الآغاخانية حاليا "الإمام" كريم بن علي بن محمد شاه الحسيني حيث حدث أول انقسام بين صفوف الشيعة عند الإمام السادس جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر حيث ساقت الإسماعيلية الإمامة في ولده إسماعيل و استمرت الإمامة بعده حتى "الإمام" الحاضر كريم شاه الحسيني.
أما الفرع الثاني من الشيعة فقد ساقت الإمامة في الابن الأصغر للإمام جعفر الصادق موسى الكاظم حتى الإمام محمد بن الحسن العسكري المعروف بلقب المهدي المنتظر الذي اختفى بسرداب في مدينة سامراء العراقية ويعتقد اتباعه انه سيظهر ليملأ الأرض عدلاً و قسطاً بعد أن ملأت ظلماً و فجوراً.
ومن بين الفرق التابعة له حاليا, جماعة جند السماء بزعامة مرشدها أحمد بن حسن اليماني والذي قتل في حسب المصادر الامنية العراقية في عشوراء 18 يناير 2008, بعد أن حاولوا كعادتهم تحية إمامهم الذي يظهر حسب معتقدهم يوم عشوراء بدماء العاصين والمدنبين. وكذلك جماعة الحوثي في اليمن مع أنه بعد ظاهرة العائدين من العراق, تشير بعض الدلائل إلى أنه صار لجماعة جند سماء فرع تابع لها من العائدين اليمنين في مناطق مأرب وحضر موت وعدن..
وهذا ما تشير إليه حادثة إستهداف السياح في وادي دوعن في حضر موت من شهر يناير 2008.

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

معلومات قيمة, نتمى لك التوفيق

إرسال تعليق