نجوم التجارة السوداء في الصحراء الغربية.. الطوارق والبوليساريو..















الطوارق "رجال الصحراء الزرق":
الطوارق ويطلق عليهم أحيانا "رجال الصحراء الزرق" شعب من الرحّل والمستقرين الأمازيغ يعيش في الصحراء الكبرى خاصة في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو. والطوارق مسلمون سنيون مالكيون مع خلط من العقائد الأفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال أفريقيا ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجتها الطوارقية.

أصول الطوارق
يرجح بعض المؤرخين أن شعب الطوارق هم أحفاد القارامانت الذين عاشوا في سهول فزان بليبيا وهناك من يقول بالعكس بدليل أن القارامانت حسب المؤرخين القدماء كهيرودوت هم من ذوي البشرة السوداء أما الطوارق فهم بيض ثم أن الشعوب التي شاركت مباشرة في تكوين الطوارق لم يسكنوا فزان وهم قبائل هوارة، اللمطة، إزناكن، إماسوفن العلاقة الوحيدة بين الطوارق والقارامنت هو تسمية الثانية لفزان وهي تارقة والتي صارت فيما بعد تسمية فرقة صنهاجة الملثمون. الطوارق ينفردون بإسمهم المعروف لدى الأوربيين والعرب، والتفسير الأكثر منطقية هو أن اسمهم مشتق من الكلمة الأمازيغية Targa وتعني "الساقية" أو "منبع الماء". ومن الثابت علميا أن منطقة الصحراء الكبرى الأمازيغية كانت خصبة تتوفر على الماء.لكن الطوارق الأمازيغ يطلقون على أنفسهم "ئموهاغ" Imuhagh أو ئموشاغ Imuchagh وهما تنويعان للكلمة الأمازيغية Imuzagh. ولغتهم معروفة بـ"تاماشيق" Tamaciq وهي فرع من الأمازيغية Tamazight.الطوارق يفضلون تسميتهم ب"إيماجيغن" أو "إيموهاغ" و معناها بالعربية "الرجال الشرفاء الأحرار".

الموطن
يعيش الطوارق في شمال مالي والنيجر وغرب ليبيا وجنوب الجزائر قرب تمنراست وجانت وإليزي. وهم شعب قديم يحكم حياتهم نظام عتيق من التقاليد والعادات ورثوها عن أجدادهم.
الحياة الإجتماعيةللمرأة مكانة عظيمة لدى الطوارق. وتتمتع المرأة الأمازيغية الطوارقية باستقلالية كبيرة ولو كانت متزوجة.
رغم أن معظم شعوب العالم تحولت إلى شعوب أبوية ذكورية ومن بينها أمازيغ الشمال في المغرب والجزائر وليبيا و مصر وتونس.وأشهر شخصية في تاريخ الطوارق هي امرأة اسمها تين هينان Tin Hinan وهي زعيمة أسست مملكة أهاكار Ahaggar الأمازيغية العظيمة.يعيش الطوارق في خيام ولكن جزءا كبيرا منهم يستقر في بيوت طينية.توفر الخيام التي تصنع من أثواب خشنة تغزل من شعر الماعز وتشد إلى ركائز (أوتاد) يتم تثبيتها بحبال تزرع في باطن الأرض في معاقف، مأوى آمن ضد حر الصحراء الصهيب والمناخ القاسي.
ويبدو في وسط الخيمة دائما طاولة صغيرة لشرب الشاي، وطاولة أطول تخصص عموما للضيوف و عابري السبيل، و هذه من عاداتهم.وعندما تهرع المرأة الطارقية إلى الخارج وهي تحمل آنية مملوءة بحليب الناقة فهذه علامة على الترحيب بالقادمين سواءأكان فردا من العائلة قد جاء بعد سفر أو ضيفاعابر سبيل، و المرأة عند الطوارق لا تحجب عن وجهها.لقرون تشبث الطوارق بتقاليدهم خصوصا في اللباس، إذ يتلثم الرجال غطاءً للوجه دائما عند تجولهم في الخارج، قد يكون هذا التقليد ناتجاً عن الظروف القاسية للبيئة الصحراوية التي يعيشون فيها، ولكن له دلالات ثقافية أكبر. و يسمى اللثام بـ "تاكلموست" حيث أنه من العيب على الرجل ان يظهر فمه للاخرين.وعند نشوء تنازع أو تظالم بين شخصين فإن المسألة يتم حلها بسرعة في المجتمع المحلي بعد السماح لكل طرف بالإدلاء بآرائه والدفاع عنها أمام مجلس الشيوخ والمحكمة العامة، وتسند مهمة النطق بالحكم إلى مايسمي بالشخص الأمين أو الزعيم المسمى أمنوكال Amnukal وهو مماثل لشخصية أمغار Amghar لدى أمازيغ الشمال.
الطوارق شعب فخور ويحب الإستقلالية، فبحكم عيشهم في محيط قاس طوروا مقاومتهم للطبيعة الصعبة وأعادوا صياغة الأمور التي يصعب التنبؤ بها، ويجعل الإحساس بشرف الأسرة منهم أكثر ضيافة ويعنيهم الإنسان ككل.

الثقافة
يواصل الطوارق الذين واجهوا صعوبة التأقلم مع قطاعات اقتصادية عديدة في العصر الحديث، استخدام مهارات متخصصة في الزراعة وتربية المواشي والفنون والحرف اليدوية. يدين الطوارق بالولاء إلى أمين العقال الذي تتم مبايعته طوال الحياة من طرف شيوخ قبائل الطوارق وهو حاليا الشيخ موسى اغاموخ بمدينة تمنراست الجزائرية.

شخصيات من الطوارق
غومة إبراهيم بن غومه المولود بايليزي 1926 الجزائر هو رئيس بلدية ايليزي وعضو بالمجلس الشعبي الوطني وعضو المجلس الانتقالي سابقاوعضو مجلس الامة حاليا و عضو ورئس اللجنة الوطني الاعيان والعقال باكاديمية المجتمع المدني وامين العقال والاعيان لمنطقة طاسيلي ناجّر بولاية إليزي الجزائر.وقدمت له السلطة الجزائرية إقامة دائمة في دالي إبراهيم بالجزائر العاصمة حيث يقيم أغلب السنة ولا يزور مسقط رأسه إلا قليلا.
والأديب الليبي إبراهيم الكونيوزعيم التمرد الطارقي في السبعينيات مانو داياك وموسى اغ أمستان أمينوكال قبيلة كيل أهكار

جبهة البوليساريو :
الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب المعروفة باسم البوليساريو (بالإسبانية: Polisario) هي حركة تسعى بدعم من الجزائر إلى انفصال الصحراء الغربية عن المغرب وتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. تأسست الجبهة في 10 مايو 1973. كلمة البوليساريو هي المختصر الإسباني المكون من الحروف الأولى لاسم "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" والذي يظهر من خلال الاختصار الإسباني للاسم: Frente Popular de Liberación de Saguía el Hamra y Río de Oro.

تأسست جبهة البوليساريو في سبعينيات القرن الماضي حين احتضنتها الجزائر ومولتها ليبيا وسوريا, وتزايد الاعتراف بها دوليا في البداية بين الدول الاشتراكية بسبب القطبية الثنائية، حيث كانت البوليساريو تمثل المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي، بينما كان المغرب يتبع دول عدم الانحياز، ومع الثمانينيات استطاع المغرب أن يعزز وجوده العسكري في الصحراء مانعا هجمات البوليساريو العسكرية من اختراق جداره المنيع (الجدار الرملي: وهو جدار أقامه المغرب لمنع مقاتلي البوليساريو من التسلل إلى داخل الصحراء الغربية)، حيث كان مقاتلو البوليساريو يقومون من حين لآخر بهجمات سريعة على مدن الصحراء الغربية تحت شعار "تحرير الصحراء من المغرب" يستهدف فيها العديد من المغاربة بالاعتماد على حرب العصابات.يعتبر المغرب جبهة البوليساريو من مخلفات الحرب الباردة، تجري أخيرا مفاوضات مانهاست لحل نزاع الصحراء الغربية. لم تستطع منظمة الوحدة الأفريقية ولا منظمة الأمم المتحدة من الوصول بعد إلى حل سلمي لنزاع الصحراء الغربية الذي قارب عمره ثلاثة عقود والذي يرى البعض أنه يظل حائلا دون قيام اتحاد بين دول اتحاد المغرب العربي ومصدر توتر في المنطقة بسبب دعم الجزائر وتسييرها من طرف الجنيرالات الجزائريين.

مند تأسيسها سارعت كوبا في تمويلها قبل الجزائر ثم احتضنتها هذه الأخيرة التي لم تنس هزيمتها في حرب الرمال وكنوع من الخوف من الجار لأن يصير أفضل منها ( الهواري بومدين كان في منافسة غير شريفة مع الجيران ، وهذا يخدم فرنسا المهزومة في المنطقة )وبقيت كوبا تآزر من بعيد وقد حققت هدفها المنشود ، ثم جاءها الدعم كذلك من ليبيا الذي كانت ضد الملكيات وساندتها إسبانيا التي خرجت مرغمة بعد تنظيم المسيرة الخضراء فإسبانيا كانت تخشى من مطالبة المغرب بسبتة ومليلية وربما ومن يدري في يوم ما عندما يصير قويا بجزر الكناري على السواحل المغربية ولكي لا يصير المغرب بلدا قويا سارعوا كلهم للتآمر لأجل تحقيق مصالحهم الضيقة على حساب استقرار وامن الشعوب المغاربية وأخيرا جاء دور الولايات المتحدة الأمريكية التي عرفت كيف تستغل هذه القضية وذلك ببيع الأسلحة واستغلال نفوذها في الأمم المتحدة لكي تأزم الوضع وقتما تشاء وتخفف الضغط وقتما كان ذلك مناسبا .
وقد كان المغرب يطالب بجلاء الاحتلال الإسباني من الإقليم، مباشرة بعد نيله استقلال الوسط من فرنسا ويطالب باسترجاعها في المحافل الدولية والأمم المتحدة، وقام بالمسيرة الخضراء حيث توغل متطوعون مغاربة وعددهم كان 350000 داخل الصحراء رغم الاحتجاجات الإسبانية على المسيرة وتهديدها برد عسكري، لكن الدعم العربي والدولي ونجاح المسيرة أدى بإسبانيا إلى التفاوض والتخلي عنها لصالح المغرب وموريتانيا بموجب معاهدة مدريد.
كما اعترفت محكمة لاهاي الدولية بوجود روابط تاريخية بين سكان الصحراء والمغرب < نظرا للحدود التي خلفها الاستعمار الأوروبي في المنطقة، حيث كانت موريتانيا تشكل جزءا من الدولة المغربية السعدية، قبل تشكيلها دولة مستقلة في أواخر الخمسينيات، نشأ التساؤل حول حدود الصحراء المغربية، حيث اعتبرها المغرب جزءا منه حسب حدود ما قبل الاستعمار (الدولة السعدية)، بينما اعتبرت موريتانيا أن للسكان تقاليد صحراوية شبيهة بتقاليد الشعب الموريتاني، وتفاديا لحدوث نزاع، قررت إسبانيا تقسيمها بين المغرب وموريتانيا وقبل الطرفان، غير أن الأخيرة تخلت عن الجزء الخاص بها فيما بعد (1979). لكن البوليساريو رفضت وقامت بهجمات مسلحة قتل في العديد من المدنيون انطلاقا من تندوف الجزائرية الذي هو مقرها إلى هذا اليوم.
قياديي البوليساريو :
"الراحل الوالي مصطفى السيد"(الزعيم الأول للبوليزاريو)"محمد عبد العزيز المراكشي"(الزعيم الحالي) ولد في طانطان درس في مراكش وتنقل مع أبيه الذي كان ضابطا في الجيش المغربي- إلى سوق الأربعاء.. وشفشاون.. والعرائش.. والقنيطرة.. ودرس لمدة سنة كاملة بكلية الطب بالرباط..أبوه مازال على قيد الحياة بنواحي مراكش في قصبة تادلة. له أخ طبيب ببني ملال وآخر بأكادير هذا الأخير يطالب بالاستقلال .
"محمد سيداتي" (وزير مستشار لدى الرئاسة) من طرفاية درس بمراكش ثم بالرباط حاصل على -الإجازة في الاقتصاد من جامعة محمد الخامس.
"محمد سالم ولد السالك" (وزير الشؤون الخارجية) من طرفاية حاصل على الإجازة من جامعة محمد الخامس بالرباط في العلوم السياسية.
"ماء العينين الصديق" (مستشار لدى الرئاسة) من كلميم حاصل على الإجازة من مراكش.
"البشير مصطفى السيد أخ الوالي" من طانطان حاصل على الباكالوريا من أكادير.
"حبيب الله محمد الكوري" ممثل البوليزاريو بفرنسا من طانطان.
تفكك الجبهة
يرى البعض أن الجبهة "البوليساريو" تلقت ضربة قاضية بعد قرار مجموعة من الأطر والمنشقين عن هذه القيادة إنشاء حركة بديلة عنها بوليساريو خط الشهيد والتي اتهمت الجبهة بالفساد والمتاجرة في معاناة الصحراويين وقبلت بالتفاوض على الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لإنهاء النزاع. واعتبرت يومية (لو ريبوبليكان) أن تأسيس جبهة جديدة يشكل ضربة قاضية ل"البوليساريو"، مشيرة إلى أن الحركة الجديدة تتبنى التفاوض كسبيل لحل قضية الصحراء. وأضافت الصحيفة أن تأسيس هذه الحركة يعكس الانقسامات والمعارضات التي تلغم جبهة "البوليساريو"، مذكرة بأن جبهة "البوليساريو" شهدت في السنوات الماضية عدة تصدعات وانقسامات.كما يذكر أن عدة ضباط وأطر عليا ووزراء وكذا عدة وجهاء قد فروا من الحركة من أجل الالتحاق بالمغرب.
الطوارق والبوليساريو ونشاط التهريب في الصحراء الكبرى :
لقد عرفت سوق الأسلحة المهربة بجنوب الصحراء نشاطا غير مسبوق في الشهور الأخيرة فيما بين نهاية سنة 2006 وبداية سنة 2007، ومما ساهم في انتعاش هذه السوق وسهل ترويج الأسلحة المهربة تكاثر المواجهات المسلحة في بعض دول المنطقة (الصومال، مالي، موريتانيا..) خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ عمد الكثير من المدنيين إلى اقتناء الأسلحة الفردية والذخيرة الخفيفة كتدبير احترازي في ظل هواجس ومخاوف من تطورات قد تقوض دعائم السلم الداخلي بجملة من المناطق. وفي فترة الهدوء النسبي يسعى هؤلاء إلى التخلص من تلك الأسلحة بأثمنة قد ترتفع أو تتدنى حسب العرض والطلب واعتماد إجراءات المراقبة المشددة. وقد شكل هؤلاء مصدرا مهما لتزويد "السوق" بالأسلحة بطرق أسهل من اللجوء إلى المافيات التقليدية المتخصصة في تهريب السلاح.

مسارات التهريب
قبل قيام الصراع حول الصحراء، كانت إجتياز الحدود المغربية الجزائرية سهلا جدا، لاسيما وأن أهم قبائل المنطقة الحدودية رحل، ورغم ذلك لم يكن التهريب بشكل مستفحل ولا يشكل أية خطورة بالنسبة للبلدين، وعندما رغبت كل دولة، مع تداعيات مشكل الصحراء، في مراقبة الحدود استفحلت ظاهرة التهريب إلى درجة أضحت تكتسي معها خطورة أكيدة.
وإذا كان الشمال حاليا لا يشكل قلقا كبيرا بخصوص تهريب الأسلحة والمتاجرة فيها، فإن الأمر عكس ذلك بخصوص المناطق الجنوبية المغاربية والجنوبية الشرقية.
فمختلف المعطيات المتوفرة تؤكد أن مراقبة الحدود في هذه المناطق تواجهها مشاكل وصعوبات كثيرة، وهذا أمر يدعو إلى القلق الكبير باعتبار أن نشاط التهريب بكل أنواعه وأشكاله تطور بها بشكل لم يسبق له مثيل. وتزداد درجة القلق نظرا لأن هذه المنطقة أضحت مجالا لإشكاليتين عويصتين، أولهما اهتمام تنظيم "القاعدة" بهذا الجزء من إفريقيا وثانيتهما اتساع دائرة تهريب الأسلحة والاتجار بها.
وتأكد هذا الخوف عندما تحولت الشواطئ الجنوبية المغربية إلى فضاء لمقايضة الشيرا بالكوكايين الواردة من بلدان أمريكا اللاتينية، ولم يعد يخفى على أحد الآن العلاقة الوثيقة بين مافيات الاتجار بالكوكايين وتجارة الأسلحة وتهريبها، لاسيما بالقارة الإفريقية في السنوات الأخيرة.

إن مهربي السلاح بجنوب الصحراء أضحوا الآن منظمين بشكل جيد، ويتوفرون على موارد مالية هامة ووسائل جد متطورة، من آليات النقل المتطور ومعدات الاتصال وأجهزة التواصل الدائم عبر الأقمار الاصطناعية، وقد سهلت هذه الشبكات المحسوبين على القاعدة انخراطهم في هذا النشاط، بل هناك منهم من أحدثوا شبكات تهريب أسلحة خاصة بهم، كما هو الأمر بالنسبة لمختار بن مختار وبنمبروك وكلاهما قائد لجماعة مسلحة.
وتعتبر اليوم منطقة الزويرات الموريتانية حلقة وصل بين جنوب الصحراء وشمال إفريقيا ومعبرا رئيسيا للأسلحة المهربة إلى تندوف وجنوب المغرب وشماله.

وعموما، أضحى من المتعارف عليه الآن وصف المنطقة الكائنة بين شمال مالي وشمال موريتانيا والحدود المغربية الجزائرية الجنوبية، بمثلث تجارة الموت، وهي ذات المنطقة التي ترزح تحت نيران جماعات مسلحة، منها جماعات جزائرية أعلنت ولاءها للقاعدة وفئة من الطوارق وجماعات مسلحة مكونة من عناصر البوليساريو تخصصوا منذ وقف إطلاق النار بالصحراء في أنشطة التهريب بكل أنواعه، لاسيما تهريب السلاح، وهذا المثلث لا يخضع حاليا لأية مراقبة ولا لأي قانون ولا كلمة فيها إلا لقوة السلاح والنفوذ القبلي الذي يتزعمه الطوارق.
فهذه المناطق تشكل الآن فضاءات واسعة لمافيات التهريب بجميع أنواعه، تمتد جنوبا من الكويرة وشرقا من الحزام الأمني إلى مشارف ضواحي مدينة تارودانت، وبذلك شملت الأقاليم الصحراوية وطانطان وطرفاية وكلميم وسبت الكردان وأولاد تايمة وأيت ملول التي لا تبعد عن مدينة أكادير إلا بكلومترات معدودة أي أن نشاط الصحراء توسع ذاخل الحدود الجغرافية للمغرب.
ولوحظ مؤخرا بأن مسار تنقل الأسلحة المهربة أضحى نفسه مسارات الهجرة السرية. ومن المسارات الأكثر استعمالا الآن التخوم الحدودية الشمالية لمالي وموريتانيا والحدود المغربية الجنوبية الشرقية. ومما يعقد عملية المراقبة أن هذه المناطق بالذات هي التي تخزن فيها شبكات عناصر البوليساريو المتعاطية للتهريب أسلحتها، كما أن باقي المهربين أحدثوا بها مستودعات للتخزين المؤقت في انتظار وصول الأسلحة المهربة إلى وجهتها.

وأكدت جملة من التقارير، الصادرة عن معاهد الدراسات الإستراتيجية، على أن هذه المنطقة بمثابة برميل بارود قابل للانفجار في أي وقت، بل هناك من التقارير التي رصدت مسار بعض الأسلحة وخلصت إلى القول بأن بعضها قد وصل إلى أوروبا مرورا بهذه المنطقة.
إن أهم شبكات تهريب السلاح بجنوب الصحراء تشرف عليها عناصر وازنة بجهة البوليساريو، لاسيما القائمون على فرعها الموجود بشمال موريتانيا والمعروف بقسم الجاليات الذي يقوده المدعو "ولد موناك"، ويمتد نفوذها إلى الحدود المالية الجزائرية، فأقدم شبكة بالمنطقة تضم مقاتلين سابقين في صفوف البوليساريو.
وكانت بدايتها بتعاطيها لتهريب السجائر ثم بالهجرة السرية، وبعد أن جمع أفراد الشبكة أموالا كثيرة وثروات مهمة، تم التخصص في تهريب السلاح والبشر معا.
تمتلك الآن شاحنات ذات دفع رباعي ووسائل حديثة ومتطورة للاتصالات، وأعضاء هذه الشبكات موالون لشخصين من أبرز قياديي البوليساريو:
محفوظ علي بيبا (من أصل صحراوي) ومحمد لمين أحمد (من أصل موريتاني).
وإلى جانب هذه الشبكات تناسلت شبكات أخرى نذكر منها:
- شبكة بلمختار (الأعور):وهو جندي سابق بالجيش الجزائري سبق له أن قاتل بأفغانستان، قائم الآن على أمور جماعة الدعوة والقتال، يمول نشاطه اعتمادا على مختلف أنواع التهريب.
- شبكة خضري ولد عمر:كانت تنشط بخصوص الهجرة السرية، لكنها مؤخرا شرعت في استعمال المرشحين للهجرة لتهريب الأسلحة الفردية والذخيرة الخفيفة، ويقوم عليها المدعو خضري ولد عمر وهو أحد أعضاء الأمن العسكري بجبهة البوليساريو، تنشط هذه الشبكة في منطقة واقعة بين "الحنك" و"أركشاش" بشمال مالي والحزام الأمني وتندوف، وتستعمل سيارات يوحي مظهرها ولونها بأنها سيارات عسكرية من نوع "طويوطا".
- شبكة النويه:يقوم على أمورها المدعو "النويه" ويعمل سائقا لأحد قياديي البوليساريو الملقب بـ "البطل" (وهو اسم حركي)، ويشرف المدعو "الزوين" تحت إمرة "النويه" على الصفقات المرتبطة بالسلاح وكل ما يتعلق بتزوير الوثائق والمستندات لتسهيل تهريبها.
وهذه الشبكة يراقبها "ولد البوهالي"، وزير جبهة البوليساريو وأحد القادة البارزين في الجبهة.
لكن أهم تلك الشبكات هي شبكة ولد الميلس : وهي متخصصة في تهريب الأسلحة، تنشط بين شمال مالي وتيندوف ولها ارتباط ببعض الجزائريين، أهم عناصر هذه الشبكة الذي يتحرك في واضحة النهار ودون أي غطاء يدعى "بولحبوس" (جزائري الأصل)، وتضم هذه الشبكة أيضا عناصر من الطوارق وتستعمل شاحنات من نوع "كازيل" و" إيماجريس"؛ تمتاز شبكة ولد المليس عن باقي الشبكات بعلاقتها مع حراس وقادة النواحي العسكرية التابعة للبوليساريو الذين يسهلون عبور شاحناتها عبر النقط التي يراقبونها مقابل أتاوات مهمة، وغالبا ما يتحرك أعضاء هذه الشبكة في منطقة "كليب الجراد" القريبة من " ـم كرين" ومنطقة " أكونتين" و "امجيك" بالصحراء و"كليب الطوش" و"كليب النصراني" و"الحفيرة" جنوب الجزائر.

تهريب السجائر
من المعروف منذ أن بدأت مافيات تهريب السلاح نشاطها على الصعيد العالمي، وكلما تم إبرام صفقة سلاح يفرض على أصحابها شراء كميات من السجائر الأمريكية الكاسدة، من أجل ترويجها بالمناطق الحرة في الدول الفقيرة، ومع مرور الوقت أصبح تهريب السجائر يخفي تهريب السلاح في العديد من مناطق العالم، وتطورت أنشطة السجائر المهربة التي لم تفلح الشركات المتعددة الجنسيات ترويجها في الأسواق الشرعية، إلى أن أصحبت اليوم تهم كذلك السجائر المقلدة المصنعة بوحدات صناعية توجد بمالي وبالنيجر وموريتانيا.

إن الكثير من التقارير الدولية ذات المصداقية العالية والصادرة عن جهات مشهود لها بالاستقلالية، أكدت بما لا يدع أدنى شك، ارتباط تهريب السجائر بتهريب السلاح، وقد أقر أحد المحللين بالقول، إذا أردت معرفة المناطق الني تروج فيها الأسلحة المهربة، عليك برصد البلدان والأماكن التي تروج فيها السجائر المهربة؛ انطلاقا من هذه الملاحظة نعاين بخصوص المغرب أن مصدر السجائر المهربة المروجة بالبلاد الآن هي الجنوب والشمال والجهة الشرقية الجنوبية، وهي ذات المناطق التي عرفت في السنوات الأخيرة انتعاش تجارة الأسلحة الفردية والذخيرة الخفيفة. وكل تلك السجائر في جنوب البلدان المغرب مصدرها جماعات الطوارق وجماعات البوليساريو..

الطوارق وعلاقة المصاهرة
يلعب الطوارق دورا مهما في تهريب السلاح والسجائر والبشر وحتى حماية الخارجين عن القانون, بمناطق جنوب الصحراء وصولا إلى الحدود المغربية الجزائرية والحدود المغربية الموريتانية، لاسيما أعضاء الحركات الطوارقية (الجيش الثوري لتحرير آزواد، الجبهة الشعبية لتحرير آزواد، الحركة الشعبية لتحرير أزواد) التي دخلت بعضها في صراع عدائي مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال والأفراد التابعين لتنظيم القاعدة المتواجدين بجنوب الصحراء، علما أن الطوارق تابعون لأكثر من دولة (مالي، موريتانيا، ليبيا، الجزائر) وينقسمون إلى بدو الصحراء وتتمركز غالبيتهم في منطقة "غدامس" بليبيا وبجنوب الجزائر وتونس، وقسم آخر يمثل "طوارق الساحل"، المتمركزين بضواحي تمبكتو عند منعطف نهر النيجر بدولة مالي وموريتانيا.
لذلك تجد أن المصاهرات سهلت علاقات التعاون مع الطوارق ولجأ بعض عناصر القاعدة في المغرب العربي لمصاهرة قبائل الطوارق حتى يضمنوا تعاونهم وثقتهم والمرور بسهولة في بين مسالك طرق الطوارق..

0 التعليقات:

إرسال تعليق