هل يمكن أن تظهر عيشة قنديشة في الصباح؟؟



لنؤجل الجواب على هذا السؤال إلى حين،  ولنبدأ الحكاية من البداية.

من فعل هذا بجماجمكم ؟

على الشريط الجغرافي مابين مكناس وسيدي سليمان انتشرت إشاعة "عيشة قنديشة" بين الناس انتشار النار في الهشيم، الإشاعة تقول بأن كائنا ينقسم إلى شطرين: العلوي لامرأة منقبة لا يظهر وجهها كي يسهل التعرف عن هويتها الحقيقية، والشطر السفلي هو لبقرة سمينة تكفي لإطعام حي الكوش كله في ظرف يومين بالتمام والكمال، هذا الكائن - تضيف الإشاعة- يخطف الأطفال ويمتص دماءهم ويفقأ عيونهم، ويبقر بطونهم ويتركهم في الزبالة مع النفايات أو في مجاري واد رضم الذي يربط مكناس بسيدي قاسم، الكل شاهدها في مكناس حيث ذهب ضحيتها طفلان في حي البرج، وفي حي الزرهونية كادت تقتل 10 أطفال من داخل الفصل الدراسي لولا عناية الله، كما لوت، على سائق طاكسي، من عنقه وطرحته أرضا، والسبب برأي مروجي الإشاعة هو أن هذا السائق الفضولي أراد أن يستفسرها عن مهمتها في هذا الكون ورسالتها في هذي الحياة، أما رجال الشرطة لم يحركوا ساكنا فبقوا مستسلمين بعدما قبضوا عليها ووضعوا عليها الأغلال، فلما تحركت سيارة الشرطة متجهة بسرعة جنونية إلى مقر الكومسارية، تبخرت المرأة الغريبة وتركت الأغلال ملقاة في بهو "الواشمة"، فحمدوا الله ورفعوا أكف الضراعة إلى الله أن يرحم الشهداء من الأطفال، وأن يستر سبحانه وتعالى بستره الجميل أبناءهم وذويهم من انتقام هذا الكائن الغريب والعجيب.

هذه الإشاعة أو الخرافة أصبحت بؤرة الحديث لدى "النخبة" بالمدينة في المقاهي ومحطات الطاكسيات والحافلات وفي مقرات العمل، الكل يتحدث عن هذا الكائن الغريب  مستندا على طاقة تأويلية هائلة دون أن يقرأ عن سيميولوجيا رولان بارت، ولا سيميوطيقا بورس، ولا هيرمينوطيقا أمبرطو إيكو ولا التواصل التفاعلي والفرق بين التفسير والتأويل عند المناطقة وعلم السردلوجيا، ولا عن علم الأديان أو علم الأساطير، أو العودة إلى الدين الإسلامي ما دامت المجتمعات العربية تعرف صحوة إسلامية كما يشاع ويذاع...بمعنى لا أحد اعتمد على مرجع معين في التأويل والتفسير، المهم هناك دال معين له مدلولات متعددة غذتها سرديات شتى حول هذه الحكاية العجيبة  بتعبير فلاديمير بروب...!!

بعض الزملاء من رجال التعليم والصحافة سمعوا أن أستاذا يشتغل في حي شعبي (الزاوية) رآها في القسم وهي تتربص بتلميذتين، وهناك من يروج أن هذا الأستاذ "الجبان" لما رآها هرب وترك تلامذته الأعزاء يواجهون قدرهم المحتوم مع مصاصة الدماء،  وآخرون زادوا من عندياتهم بأن المدير هو أيضا هرب وترك المؤسسة تلاقي هذا الخطب العظيم يوم الثلاثاء الأسود، أما عثمان وهو طفل صغير دخل عند أمه وقال لها: إن خالي دخلت عليه مصاصة الدماء وأكلت 15 تلميذا داخل القسم، وترجى أمه أن تتصل بأخيها الأستاذ وتطمئن عليه، فالخبر جد وليس بالهزل ، يضيف عثمان، ما دام مصدره أستاذته في اللغة الفرنسية !

 أما الزملاء من رجال التعليم فتفرقوا فصائل قدداً بين مصدق بالخبر وبين مكذب له، فمن صدق فقد أراح عقله واستراح، ومن كذب فعليه أن يستفهم أكثر ويعود للمرجع، فيسأل الأستاذ، أما الزملاء من الإعلاميين هم أيضا اتصلوا بالأستاذ ليعرفوا ويتحققوا من الخبر اليقين... أما صاحبنا الأستاذ فكان الخبر في بداية الأمر يسليه ويجعله يضحك ملء شدقيه، أما حين انتشر لدى "النخبة" أصبح النبأ يؤذيه، ويقلق باله، ويشغل عقله، قابضا على أسئلة حارقة:  من أطلق هذه الإشاعة؟ وما الهدف من هذه الإشاعة؟ وكيف استطاع صانع هذه الحكاية الغريبة أن يقنع العامة والنخبة معا؟ كيف استطاع أن يحرك رجال الأمن والإعلام معا وراء تحقيقات قد تأتي ولا تأتي بنتيجة مقنعة؟ أين الدعم المدرسي في هذه النازلة من أجل إعادة الثقة للناشئة، الدعم المدرسي لا أقصد تعزيز الطاقم الإداري بمدراء وحراس عامين من أجل ضبط التلاميذ وفق الهاجس الأمني المتعارف عليه، بل نريد المهتمين بالتربية من باحثين في علم النفس والسوسيولوجيا لأجل إعطاء تفسير عقلاني ومنطقي يراعي طاقة الناشئة في الفهم والإفهام ؟؟

 وأمام ديكتاتورية الدال وتسلط تعددية الدوال في ظل غياب المرجع، أسائلكم يا أبناء بلدتي: من فعل هذا بجماجمكم ؟!!

والحقيقة كما هي في تقارير المؤسسة التربوية والنيابة الإقليمية ولدى المخابرات..الخ هي أن الأستاذ دخل إلى قاعة الدرس على الساعة الثانية بعد الزوال ، طفق التلاميذ يقصون لأستاذهم ما سمعوه عن هذه المرأة، وبدأ كل واحد يحاول أن يستبد بالحكي والسرد، فاختلطت الأصوات أمام تسابق جميع التلاميذ ليقول الخبر كما ترامى إليه ممن يثق بهم، ظن الأستاذ أن التلاميذ يودون تزجية الوقت وتضييع فرصة حصة التعلم المقررة، أو ربما أنهم لم يهيئوا تمارينهم التي طلبها منهم في الحصة السابقة، فاحترم المدرس "ذكاءهم"  ومر بسرعة إلى الدرس الموالي، وبرهة سمع صوتا لتلميذة تصيح فتسقط أرضا، حاول الأستاذ أن يسعفها، فكانت صديقتها تصيح خائفة وهي تمسك بتلابيب أستاذها: رأيتها ..رأيتها..يا أستاذ ....!!  وما كاد الأستاذ يلتفت حتى فر جميع التلاميذ كأنهم حمر فرت من قسورة، هرب الكل وسقط البعض على البعض كما لو أنهم سكارى وما هم بسكارى ولكن الخوف من مصاصة الدماء كما "شاهدتها" التلميذتان شديد، لم يتبق مع الأستاذ سوى تلميذ واحد اسمه يوسف العشيري، التلاميذ الذين فروا من القسم وجدوا الساحة فارغة، فخافوا  من مصاصة الدماء أن تتلقفهم وتستفرد بهم، فتابعوا فرارهم وتوزعوا على الأقسام، وهم يحكون عن المرأة التي شاهدتها التلميذة وزميلتها، فخرج جميع التلاميذ من الأقسام، ووقع هرج وفوضى داخل المؤسسة، فجاء السيد القائد ومعه رجال من القوات المساعدة، وبعدها جاء رجال الأمن وسيارة الإسعاف التي حملت البعض، في المدرسة الابتدائية المقابلة، خاف التلاميذ وبدأت ترتعد فرائصهم خوفا مما وقع، جاء أستاذ في مدرسة ابتدائية على وجه السرعة يستنجد برجال الأمن لكي يعيدوا الأمور إلى طبيعتها. انتهت القصة وبقيت الإشاعة مستمرة!!

عيشة قنديشة تظهر في الصباح !!

كتبت جريدة الصباح في صفحتها الأولى وبالبنط العريض في عددها 2968 يوم 26-10- 2009 " عن عائشة قنديشة تظهر في مؤسسة تربوية في (...) ، والمقال من توقيع المدعو جمال الخنوسي وهو ابن المنطقة وزميل في الدراسة سابقا، يقول جمال الخنوسي " ... في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال اختلط فيها الرعب والفزع بالخوف من المجهول، عندما ادعى أستاذ اللغة العربية أنه رأى جنية ملثمة قفزت من سور المؤسسة وأطلت على التلاميذ من النافذة، الشيء الذي خلق ارتباكا وهلعا .." وفي معرض مقال الصحفي الأفاك الكذاب يسأل النائب الأستاذ جمال الدين الراشيدي الذي يؤكد بأن تلميذا هو من ادعى أنه رأى "غولة" تتلون في أشكال غريبة وليس أستاذا"

 يوجد بالمؤسسة ثلاث أساتذة للغة العربية: أستاذ وأستاذتان ( رجل وامرأتان) فقط، وجمال الخنوسي يعرف هذا الأستاذ جيدا كما أكد للزميل (....) بالرغم من أنه سمع بالإشاعة دون أن يتأكد من الخبر وهو يكتبه في جريدة الصباح، وهي جريدة محترمة ولها قراؤها. الخنوسي لم يكن في سيدي قاسم بل سمع بالخبر من أخته التي تشتغل في الحلاقة، كما عادته أيام فيضانات منطقة الغرب حيث كان يقوم بالتغطية من بيته ويكتب في جريدة الصباح بأنه موفد لجريدة الصباح إلى سيدي قاسم، والمقالات كانت تكتب أمامي ويرسلها له أحد أصدقائي (زعما راه ولد البلاد) ولكن ..إن أنت أكرمت الكريم ملكته ...!!

 فالمسألة في هذا الخبر- كما يعلم الجميع- تكتسي خطورة على مستقبل الأستاذ، خطورة أرادها الخنوسي لزميله في الدراسة سابقا ناهيك عن تلطيخ سمعته بالمدينة وأمام أولياء وآباء التلاميذ..لكن هيهات هيهات ..يا أيها الأفاك الكذاب!!

ولما اتصلت به ليعتذر، لم يعتذر هذا الجبان الفتان لأنه كما قال لأحد الزملاء خاف من مستقبله في جريدة الصباح !! ونسأله : وأنت ماذا فعلت، ألم تهدد أستاذا في مستقبله وكفاءته وسمعته وكرامته؟؟

 كنت أفكر أن أخصص مقالا لـ "الزميل" جمال الخنوسي منذ عرفته تلميذا كسولا يدرس معي إلى حدود الآن، ولو ذكرت لكم أيها القراء  من هو هذا الخنوسي لغسلتم أيديكم من بعض الصحفيين.. غير أن مجموعة من الزملاء في منابر مغربية متنوعة طلبوا مني أن لا أنزل إلى هذا المستوى الدنيء لا سيما وأن الصحافة المغربية تمر بفترات عسيرة جدا.

 جريدة الصباح هي جريدة كبيرة ولا شك شئنا أم أبينا، وهي في حاجة لصحفيين كبارا بمثل قامتها وليس إلى كذابين وأفاكين. وهذه ليست مجاملة بحق الجريدة بل، والله وحده يشهد، أن المقال الذي كتبه الخنوسي أساء للجريدة، ليس عند العامة الذين يعرفونني جيدا، بل من لدن الزملاء الأساتذة الذين يشتغلون بالبلدة، ومنهم من درسنا عندهم، أنا والخنوسي، بل لدى رجال الأمن والاستعلامات والمخابرات، لأنهم هم وحدهم من عندهم الخبر اليقين، وليس الخنوسي ولد البلاد الذي أساء لأهل البلاد !!

ختاما... يا الخنويسي.. " في وجه أولاد الناس" أقول لك: إني أبلغك سلامي...

ولعنــــــــــاتـــــي!!

n.lechhab@gmail.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق