سكان "القبائل" الجزائرية ينقلبون على الإسلاميين بمنطقة نفوذهم



عاش سكان هذه القرية الجزائرية الجبلية الصغيرة في منطقة القبائل على مدى عقود في خوف من الاسلاميين المتشددين الذين اتخذوها معقلا لكن هذا الوضع انتهى الآن.

فعندما خطف المتشددون رجل أعمال من قرية ايت كوفي الشهر الماضي وطلبوا فدية بقيمة ثلاثة مليارات دينار (2ر4 مليون دولار) خرج مئات من السكان الى الجبال بمكبرات الصوت لحث خاطفيه على اطلاق سراحه.

ومازال رجل الاعمال محتجزا لكن بالنسبة لسكان القرية أصبح الامر يتعلق بما هو أكبر من ذلك.
وقال ماجد (24 عاما) أحد سكان القرية "لم نكن مسلحين كنا فقط نريد توجيه رسالة قوية للمتمردين فالوقوف مكتوفي الايدي يشجع الارهابيين ويوما ما سيخطفون نساءنا".

وتشهد الجزائر منذ نحو 20 عاما صراعا بين الاسلاميين المتشددين وقوات الحكومة سقط فيه نحو 200 ألف قتيل وقت ذروته في تسعينات القرن الماضي.


وتراجع العنف في السنوات القليلة الماضية وتقلص التأييد للمتشددين الذين يعملون الان تحت مظلة تنظيم القاعدة لكن المتشددين مازالوا يستخدمون العنف والترويع لمد نفوذهم في العديد من المناطق الريفية.


غير أن واقعة ايت كوفي قد تمثل نقطة تحول لانها المرة الاولى التي يتصدى فيها السكان للمتشددين على هذا النطاق الكبير في منطقة القبائل التي تعتبر ملاذا امنا لهم.


وبدأ التصدي للمتشددين في ايت كوفي يوم 22 اذار (مارس) عندما خطف المتشددون علي حساني وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 83 عاما ومعروف في المنطقة.


والممارسة المعتادة في مثل هذه الحالات هي أن تدفع أسرة المخطوف وأصدقاؤه الفدية ويعرف الناس أن المتشددين يستخدمون أساليب مثل خطف أو ذبح المدنيين الذين لا يتعاونون معهم.


ولا يتوجه السكان الى الشرطة في مثل هذه الحالات لان الضباط نادرا ما يغامرون بالذهاب الى مثل هذه القرى النائية في منطقة القبائل.


لكن هذه المرة مس المتشددون الذين مازالوا يعرفون باسمهم القديم وهو الجماعة السلفية للدعوة والقتال وترا حساسا في المنطقة.


وقال واحد من مجموعة شبان بالمنطقة شاركوا في أول مواجهة على الجبال قبل بضعة أيام "هذا يكفي لا يمكننا ترك الجماعة السلفية للدعوة والقتال تخطف الناس".


وأشار ماجد الى جانب الجبل المغطى بالخضرة حيث أمضى بضع ساعات بحثا على الرهينة وخاطفيه وقال "شارك في المسيرة بضع مئات يمثلون أغلب قرى المنطقة".


وقال السكان ان الخاطفين بعثوا برسالة بعد ذلك لسكان القرى عرفوا أنفسهم فيها بانهم نشطاء اسلاميون وقالوا انهم سينتقمون ما لم تدفع الفدية لكن القرويين ردوا بتحد.


وقال ماجد "لن ندفع وسنواصل ضغوطنا الى أن يطلقوا سراح الرجل المسن".


وكان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي قد غير وجهته تحت ضغط من قوات الامن الى الجنوب نحو دول الصحراء الكبرى مثل مالي وموريتانيا حيث يخطف أجانب ويشن هجمات محدودة على أهداف غربية.


ويقول خبراء أمنيون ان التنظيم اذا فقد معاقله في منطقة القبائل قد يضطر الى الانسحاب تماما من منطقة نفوذه التقليدية على الساحل الجزائري على البحر المتوسط.


وأصبحت منطقة القبائل ملاذا امنا بعد انسحاب قوات الامن في عام 2001 أمام انتفاضة السكان الغاضبين مما اعتبروه وحشية مبالغ فيها من جانب قوات الامن في ملاحقتها للمتشددين.


وفي ظل غياب القانون والنظام الذي خلفه هذا الانسحاب انتشرت الجريمة ونضبت الاستثمارات وبلغت البطالة مستويات مرتفعة للغاية خاصة بين الشبان وهذا من الاسباب التي تقوي عزم السكان الان على التخلص من نفوذ المتشددين.


وقال حسان زيزي المراسل المحلي لصحيفة الشروق الجزائرية "الناس فاض بهم الكيل فهم يعلمون أن الافتقار للامان لا يخدم التنمية الاقتصادية"

رويترز

0 التعليقات:

إرسال تعليق