القاعدة في المغرب العربي (3)








الخلايا المغاربية الخارجية والجهاد:
نشاط التنظيم المغاربي تعدى جغرافيته ليكون عنصرا مهما في هندسة مشروع أرض الخلافة التي كانت تسوق إليه المصادر الاعلامية المنسوبة للقاعدة وعلى رأسها الرجل الثاني فيها "أيمن الظواهري".
فاجتهد في تصدير الانتحاريين والمجاهدين إلى الساحة العراقية ليس من المغرب العربي وحسب وإنما حتى من أروبا إن كانوا أروبيين من أصول مغاربية أو ممن أعتنقوا الاسلام حديثا. ورحلة العراق لم تكن نزهة للجهاد لمن لم يوضع في قائمة الانتحاريين, إنما تجربة ومحطة هامة للعائدين من العراق بكل الخبرات التي أكتسبوها والعلاقات التي خلقوها والتدريب عالي المستوى الذي تلقوه عبر دروس تطبيقية تكون نهايتها إما النجاة أو الموت..
حسب ماأعلنته السلطات السورية, ان هناك شخصين على الأقل هما عميد العليبي وأيوب الزعيم كانا مقيمين في سورية ويتنقلان بهدف الاستقطاب والتنظيم. فيما تكفل ناشط تونسي يدعى ابو احمد بالتنسيق بين الشبكات المغاربية التي كان يفترض ان تعلن عن «قاعدة الجهاد في بلاد المغرب العربي» بعد مبايعة اسامة بن لادن، ما حدا بمغاربة مطلوبين في مقدمهم بوشتة بوجمعة وحسن علوان، اضافة الى خالد ازيك ومحمد الرحا القيام باتصالات مع متعاطفين ومناصرين لدى عودتهم الى المغرب في يونيو2005.
وعهدت الخطة الى كل من الناشطين احمد زموري وأحمد ابو بكر وغيرهما بالالتحاق بالجزائر وفق سيناريوات وضعها الزعيم الافتراضي للجماعة خالد ابو بصير. غير ان مصادر تمويل هذه التحركات والتي كانت تمول من عواصم اوروبية على دفعات للحؤول دون الاشتباه في مصادرها تكشف عن تغلغل اولئك الناشطين.
وتفيد المعلومات ان المتطوعين من الدفعة الاولى التي تسللت الى العراق كانوا قد تلقوا تدريبات في معسكرات في افغانستان، وحسب إعترفات المعتقل المغربي خالد ازيك ان لدى اقامته في سورية التحق به مغربي اسمه حسن الحسكي من لاس بالماس، كونه متزوجاً من سورية، إلا ان خلافات حول إمارة الجماعة حالت دون توجهه الى العراق،وربطت مصادر أمنية بين اعتقال السلطات الاسبانية المغربي عمر النتشة احد المشتبه بتورطهم في هجمات قطارات مدريد عام 2004 وتزعمه شبكة استقطاب المتطوعين في العراق ومساعدة متورطين محتملين في تفجيرات مدريد في مغادرة البلاد والانضمام الى المقاومة ومنهم اشخاص يعتقد بأنهم لقوا حتفهم في هجمات انتحارية في العراق.
وتحدثت مصادر اسبانية عن ثلاثة رعايا هم محمد بلحاج وداود رمضان ومحمد افالة غادروا مدريد الى سورية ثم تسللوا الى العراق، مشيرة الى احتمال ان يكون افالة قتل في هجوم انتحاري بينما اقتفت آثار الرجلين الآخرين اللذين تردد انهما عضوان في تنظيم «الجماعة المغربية المقاتلة».
اعتقال محمد النتشة الذي كشف عن طرق تزويد المتطوعين بوثائق وجوازات سفر مزورة، والتي تصير جوازتهم الاصلية في يد متطوعين من جنسيات أخرى لتحركهم للعراق.
بينما أشار القضاء الاسباني إلى أن هناك خيوط تربط بين منفذي تفجيرات قطارات مدريد والانتحاريين الذين فجروا انفسهم في مبنى ليغانيس في ضواحي مدريد في شهر ابريل 2005. وورد اسم محمد بلحاج في سياق تحريات افادت انه اشترى الشقة التي فجر فيها الانتحاريون انفسهم. وعرضت معلومات ربطت بين منفذي تفجيرات القطارات في مدريد وتنفيذ هجمات انتحارية في العراق.
ومن ضمن الهجوم على القاعدة العسكرية الاميركية في الناصرية عام 2003. كما اشارت المعلومات الى الاشتباه بأكثر من عشرة اشخاص ممن ضلعوا في استقطاب عناصر للجهاد في العراق.

ولم يكتفي التنظيم المغاربي باستهداف العدو المحتل بل ولاستهداف المصالح المغربية كنوع من تصفية الحسابات, حيث تذهب أوساط الى الربط بين عملية اختطاف العاملين في السفارة المغربية في العراق عبدالرحيم بوعلام وعبدالكريم المحافظي التي تبنتها «القاعدة في بلاد الرافدين» وبين اعتقال ناشطين مغاربة في خلايا إرهابية، خصوصاً ان السلطات المغربية اتخذت موقفاً متشدداً تجاه الخاطفين.
وأصدر علماء دين مغاربة فتوى اعتبروا فيها ممارسة الاختطاف وقتل الأبرياء من المحرمات المنافية للتعاليم الاسلامية، وعلى رغم ان الاختطاف وقع في العشرين من اكتوبر 2005 وتفكيك خلايا «القاعدة» في المغرب جاء بعد ذلك ببضعة أسابيع، فالاعتقاد السائد يطاول تبادل المعلومات حول تحركات أفراد «القاعدة» المتحدرين من أصول مغاربية وعربية، وان عملية ترحيل المغربيين بلحاح والعصعاص من سورية حدثت قبل ذلك ببضعة شهور، ما يفترض من الناحية الأمنية ان تكون افادات المتهمين عرضت أسماء ووقائع ساعدت في تعقب آثار ناشطي القاعدة، خصوصاً في ضوء ظهور معطيات حول زعماء محتملين يرتبطون بالولاء لأسامة بن لادن يتحركون في اوروبا.
وأشارت افادات معتقلين مغاربة الى وجود نساء متزوجات من رعايا مغاربة أبدين الرغبة في تنفيذ هجمات ضد مراكز امنية اوروبية او في التطوع الى جانب المقاتلين في العراق.
وان قريبين من أبو مصعب الزرقاوي طلبوا الى أولئك النساء مبايعة أمير يتولى قيادتهن، غير ان تبايناً حول اختيار الأمير حال دون استقطاب أولئك النساء. وان كان لافتاً ان انتحار إحدى المتطوعات عبر هجمات في العراق كشف النقاب عن تغلغل تنظيم «القاعدة» وسط نساء متزوجات في أوروبا.وأفادت معطيات ان كثيراً من أولئك النساء رافقن ازواجهن الى افغانستان كما في حال المطلوب عبدالكريم المجاطي الذي قتل لدى تفكيك شبكة ارهابية في المملكة العربية السعودية، كما ان نساء مغربيات قتلن في قندهار وكابول ابان الحرب الاميركية على أفغانستان.

جيل المرتدين فكريا :
رغم أن الجهود التي بدلها الجهاز الجديد لمكافحة الارهاب عبر التحقيقات التي شملت كل المدن المغربية, والتي كشفت عن الكثير من الخلايا وكيفية التدريب والتمويل, واعتقد الجميع أن الملف سيطر عليه كليا,فتلك الجماعات التي وجدت نفسها وراء قضبان السجون المركزية, في الواقع كانت بداية لجيل جديد حولته التجربة القاسية للتحقيق والسجن إلى إنتحارين جاهزين للانتقام, لكن هذه المرة لم يكن الهدف أماكن سياحية, إنما قوات الامن نفسها.
فقد تحول السجن إلى ساحة للتبشير والتعبئة ضد النظام والمجتمع ومدرسة مهيأة لمجموعة كبيرة من الموقوفين على ذمة التحقيق لتقبل الافكار التي كان ينشرها المتطرفيين المحكوم عليهم او تحت السجن الاحتياطي, ساعدت في إعتناقها ممارسات المحقيقين وأساليب الاستنطاق التي كانت تولد حقد وكراهية لكل ما يمثل السلطة ومايتبع لها في المجتمع يقابله في الزنزانة إحتواء وتكريس لمشاعر الكره تلك والتحريض على الانتقام, وطرقه..
ففي 16 مارس 2007 عند الساعة السادسة تقريبا, قام شابين بعملية إرهابية كانت تستهدف دورية أمن مرابطة بجانب القنصلية الامريكية في الدارالبيضاء, العملية لم تسفر إلا عن أضرار خفيفة, وذلك راجع أولا لوقت العملية حيث كان سابقا بساعة ونصف عن تحرك المواطينين لمقرات عملهم, ثانيا لعدم إحترافية المخططين والمنفذين مما يدل على أن العملية كانت ذاتية ولاعلاقة لها بالتنظيم, فالتوثر والعصبية التي بدى عليها المنفذ الاول عند إقترابه من الهدف المخطط له, فسرت جزءا من سر ظاهرة الانتحارين, فلا يمكن لأي شخص طبيعي عند إقترابه من ذلك النوع من الانتحار الجهادي حسب ما يعتقده, أن يحافظ على طبيعته وهدوءه إلا إذا كان في حالة غير طبيعية أو في حالة هلوسة.
المجموعة التي خططت ونفذت للعملية كانت من الموقوفين على ذمة التحقيق في تفجيرات 16 مايو, والتي كان أحد أشقائهم ضمن الانتحاريين المنفذين, حسب سيناريو الاحداث كانت عملية إنتقامية تستهدف رجال الأمن, فالافكار التي غسلت بها أذمغة تلك المجموعة في السجن, كانت تصور لهم رجال الامن عملاء لأجهزة الاستخبارات الامريكية وهذا مايفسر سبب إختيار المنفدين لتوقيت مبكر من الصباح ودورية مخصصة لحراسة القنصلية الامريكية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق