القاعدة في المغرب العربي (4)



القارة الافريقية والارهاب والقاعدة في 2008
يجب أن نحط في إعتبارنا أن الارهاب كيان متطور يتخد شكله الجديد مع كل تحول سياسي وإقتصادي وإجتماعي, فهو لايقوم على ثوابت فعلية ولا على قاعدة فكرية بعينها, مع أن تلك التنظيمات تظل تحمل نفس الشعارات التي تكون بطبيعتها مطاطية وقابلة للتغير الفوري, مادامت مبنية على معادلة (عدو + قضية = جهاد), وبمعنى آخر, إيجاد قاعدة شرعية ومشروعية لكل عمل إجرامي + إستغلال قضية ما أو إختلاقها إن لزم الامر = تحديد عدو.
ووجود تلك الجماعات الارهابية يكون دائما لمصلحة طرف أوأكثر, فيصير التحالف بمثابة عقد شراكة, تتحرك بموجبه تلك الجماعات لصالح سياسية وأهداف تلك الاطراف الموظيفة أوالداعمة لنشاطتها في السر, بينما في العلن تتحمل تلك العناصر الارهابية مسؤليتها عن تلك الفوضى تحت غطاء شعارات جهادية, ويجمع بينها عقد آخر هو عدم توريطها أو كشفها كأطراف داعمة تحت أي ظرف.

مثلا في سنة 2007 كانت سنة القضية الدارفورية بإمتياز, مع حملة إعلامية واسعة سبقتها عبر شبكة الانترنيت والتلفزيون وتصريحات لشخصيات سياسية مهمة في العالم اجمع خصوصا في أمريكا الشمالية والاتحاد الاروبي واليابان والصين, وصارت القضية الدارفورية شغل مجلس الامن والجامعة العربية تحت شعار " أنقدوا أطفال دارفور!! " رغم أنه ليس ببعيد يوجد لاجيؤا الصومال وجياع التشاد ومالي وأوغندا والكونغو وغيرهم.. يعيشون حياة أكثر مأسوية من سكان دارفور ولأحد أهتم لأمرهم وذلك لأن منازلهم لاتقع فوق مناجم للمعادن والبترول!!
بالمقابل تحرك التنظيمات الراديكالية وبعض دول الجوار لإستغلال تلك الحملة بشكل مضاد لفت الانظار مع بداية سنة 2006, لتعبئة سكان إفريقيا السوداء ضد البيض تحت شعار "إنتبهوا عاد الاستعمار الابيض",
فظهرت مواقع عديدة مليئة بحكايات عن التاريخ الاستعماري بدءا بحملات المستشرقين والجمعيات الخيرية المسيحية والاطباء الذين كانت لهم مهمات سرية وهي نقل معلومات إستخباراتية دقيقة في كل مجالات عن تلك البلدان تمهيدا لحملة عسكرية تنتهي بإستعباد سكان تلك المناطق ونهب خيرات بلدانهم, وكان الغرض طبعا من تلك المواضيع التي تجدها عادة في منتديات تكون فيها المشاركة للمنتسبين فقط على مواقع إلكترونية باللغة العربية والفرنسية والانجليزية, تجنيد آخر لجيل جديد يضع بين عينيه عدوا محدد يتمثل في شخصية شبيهة بتلك التي أستقبلها كمعلومة تاريخية عبر تلك المواقع, وتتطابق بشكل ما مع أخرى على أرض الواقع..
فصارت هيئات الاغاثة الانسانية الاجنبية والمنظمات الطبية والصحفيين الاجانب وموظفين الشركات الاجنبية مستشرقين الحاضر!! والقوات الدولية تمثل لديهم قوات إستعمارية تمهد للسيطرة على البلدان الافريقية للإستغلاهم وإستعبادهم من جديد..
لكن هذه المرة -حسب أهداف حملة تلك المواقع- سيكون لإستخدام الافارقة السود كفئران تجارب لعقاقير شركات الدول المتقدمة, سرقات أعضائهم البشرية, سرقة أطفالهم وبيعهم في أروبا, إغتصاب نسائهم وردتهم عن الدين والتقاليد (مستشهدين بحكاية الصومالية التي طلبت اللجوء السياسي في هولندا وهروبها حسب مالفقته من الزواج من إبن عمها, وحوادث إغتصاب العراقيات من جنود أمريكيين)..
وأطرف تلك الحملات واحدة تؤكد أن الغرب مهتم ببلدان إفريقيا السوداء لأنهم فطنوا بعد خروجهم بسنوات عبر أقمارهم الصناعية التجسسية أن إفريقيا خصوصا الصحراء الكبرى وبلدان إفريقيا الوسطى, غنية بالمعادن الثمينة والبترول المخبئ تحت أرض بلدان الصحراء الكبرى, خصوصا الصحراء الغربية وموريتانيا مستشهدين بمسارعة حركة البوليساريو لإبرام عقود مسبقة مع شركات نفطية للتنقيب على النفط في الصحراء الغربية حين تنجح في فصلها عن سيادة المملكة المغربية وإعلان الولايات الامريكية نيتها إقامة قاعدة عسكرية في إفريقيا.

وهكذا صدرت فتاوى أو تم إحياءها كفتوى الشيخ أحمد محمد شاكر التي تجدها بعد درس عن كيفية صناعة عبوة ناسفة في إحدى المواقع المتخصصة في ألعاب الاطفال وبرامج التسلية!!
والنص يقول : ( أما التعاون مع الانجليز بأي نوع من الانواع قل أو أكثر, فهو الردة الجامحة والكفر الصراح, لايقبل فيه إعتذار ولا ينفع معه تأويل ولاينجي من حكمه عصبية حمقاء, ولاسياسية خرقاء ولامجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء, كلهم في الكفر والردة سواء إلا من جهل أو أخطأ, ثم أستدرك أمره فتاب وأخد سبيل المؤمنين, فأولئك عسى الله يتوب عليهم, أن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس. المصدر كتابه (الكلمة حق)).
فشعار الجماعات الارهابية لسنة 2008 هو كما أورده النص الجهاد ضد المرتدين من الشعوب والحكومات التي تتعامل مع الدول الاجنبية, بعد أن كان شعارها في العراق الجهاد ضد المحتل لبلاد المسلمين في العراق وفلسطين, دون رضى حكومات بلدانهم بإعتبارها حكومات غير إسلامية وفي حكم الكافرة.
فكل دولة تسمح لشركات غربية بالتنقيب على تلك المعادن هي عميلة للبلدان الغربية ( أو الصليبية كما تسميها القاعدة) وخائنة لتلك الشعوب, وهذا مايفسر نوع الفتوى الشرعية التي وجهت المجندين من تنظيم القاعدة بالدخول لموريتانيا وإستهداف الجيش والعناصر الامنية والاجنبية فيها خلال الشهور الاخيرة من سنة 2007, وإستهداف مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في الجزائر في 11 ديسمبر 2007 ومقر الحكومة والهيئية الدستورية, حيث صار لعملياتها منطلق شرعي خلقته عبر التعبئة الفكرية لشباب متحمس ويضن أنه وصل لسقف الحقائق عبر ماتلقاه من معلومات مدروسة عبر تلك المواقع أو مايفسره له شيوخ جماعته.
وقد يفسر هذا احد اسباب تحرك الطوارق بشكل عنيف كان آهمها تدميرهم لمنشآت لتنقيب على اليورانيوم في الاول من يناير 2008.

متى بدأت القاعدة مشروع قاعدتها العسكرية الافريقية؟
تواجد القاعدة في الصحراء الافريقية الكبرى, خطط له قبل سقوط كابول ودخول القوات الامريكية, حيث تم إرسال عناصر لدارسة إمكانية إنشاء مراكز للتنظيم بإفريقيا ورصد الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكثير من البلدان الافريقية كان من بينها كينيا, وجيبوتي, ومالي, ورواندا, والبنين, والنجير, وسينغال, وموريتانيا, والجزائر وعلاقتها بحركة البوليساريو الانفصالية, والتشاد. وذلك عن طريق مركز القاعدة في السودان والصومال. أي أن الهدف تطلب سبع سنوات لتصبح الصحراء الكبرى جاهزة كقاعدة عسكرية ناشطة لتنظيم القاعدة من الساحل الاطلسي إلى ساحل البحر الاحمر.
فحسب وثائق ومراسلات باللغة العربية بين قادة تنظيم القاعدة، عثر عليها الجيش الأميركي في إطار الحرب على الإرهاب، بينها رسائل كتبها قادة «القاعدة» موجهة الى «ابي عبد الله» أسامة بن لادن، ومن هذه الرسائل رسالة من ابي حفص المصري «محمد عاطف» مسؤول «القاعدة» صهر زعيم التنظيم، الذي قتل في عمليات قندهار نهاية عام 2001، يكشف فيها عن امكانية الاتصال بمعسكرات التدريب في الصومال والسودان، تحت الاسم الكودي بدر للاول وصقر للثاني، ويورد ترددات اللاسلكي من الصباح الى المساء، للايام الزوجية التي اختلف فيها التردد عن الايام الفردية، ويتحدث عن زيارته لمعسكر لوق، الذي يقع في الجنوب الغربي من الصومال، على خط طول 52 وعرض 26 درجة، ويشير الى ان تضاريس المنطقة مثالية لحرب العصابات، كقواعد انطلاق، ومن الصعوبة لأي قوات نظامية ان تسيطر عليها.
وتحدث ابو حفص باسهاب عن طبوغرافيا المنطقة من جهة الجبال والاشجار الشوكية. والطرق الموجودة بها، والعيون المنتشرة في المعسكر لمد عناصر القاعدة بالمياه. ويقول ابو حفص تسكن المنطقة قبيلة امريحان، وهي فخذ من الداروت قبيلة سياد بري، وقد حاول عيديد اجتياح هذه المنطقة من قبل، ولكنه فشل وفقد الكثير من انصاره، ولا توجد احزاب علمانية في المنطقة، ولكنهم افراد تابعون لسياد بري سابقا، وهناك تعاطف من سكان المنطقة مع الاتحاد الاسلامي. وعن تأمين المعسكر قال ابو حفص، المنطقة من الناحية الامنية ممتازة، والمعسكر موقعه جيد جدا، ويمكن الحصول على الامدادات من عدة جهات وايصالها عبر كينيا او الصومال.
وتحت عنوان خلاصة الامر، يقول ابو حفص المصري: «المنطقة جيدة وتعتبر منطقة مثالية للانطلاق كقواعد لحرب العصابات، ومن الصعب على أي قوة نظامية العمل فيها».
وعن الامكانات العسكرية يقول ابو حفص: «توجد كمية من الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والار بي جي، مع توفر كميات من الذخائر لا بأس بها، وسائل النقل قليلة، سيارة شحن واحدة».
ويتحدث ابو حفص في رسالته عن الوضع المالي ويقول: «تم الاتفاق على ميزانية ثابتة للمعسكر، مرفقة مع التقرير وهي من 5 الى 6 الاف دولار شهريا، مشيرا الى انه تم تقديم تقرير عن مصروفات الفترة الماضية». وتحدث عن احتياجات الاخوة المدربين في معسكر لوق، وهم ابو النور وابو الهيثم وابو الفاتح وابو عمار اليمني وابو همام الصعيدي، وهناك حاجة الى جهازي اتصالات من الحجم الكبير، و15 من الحجم الصغير.
وتحدث عن اهداف الاخوة في معسكر لوق وهي تكوين قوة عصابات، والاستطلاع وجمع المعلومات المستمر عن العدو ومعرفة الارض جيدا، حتى نكون جاهزين للعمل في أي وقت. وبالنسبة للوضع في اوجادين يقول ابو حفص، لقد تم الاتصال مع الاخ سيف عن طريق جهاز حمد، والحمد لله الوضع مطمئن، واتضح ان الاخبار التي جاءت بأنهم محاصرون هناك ليست صحيحة تماما، وقد ارسلنا رسالة عن طريق الشيخ صالح فيها التنبيهات اللازمة.
وقال ان الاخوة في اوجادين في حاجة ماسة الى الاموال لانه لم يصل من المبالغ هناك غير 21 الف دولار، مشيرا الى ان الاخوة في حاجة ماسة الى اجهزة الاتصال. وعن الوضع في نيروبي يقول ابو حفص: مكتب نيروبي يقوم باستقبال الاخوة قبل توزيعهم على المعسكرات، وتم استئجار منزل للاخوين توفيق وسالم بـ500 دولار، وتم تحديد ميزانية ثابتة للمنزل وهي 1200 دولار كمقر اداري في نيروبي، والوضع الامني شديد في كينيا، وهناك مراقبة شديدة للعرب، وتم القبض على موظفي هيئة الاغاثة بتهمة دعم المسلمين المتطرفين.
وقال ابو حفص لا تصلح كينيا لاقامة الاسر فيها، حيث ان المعيشة غالية الى جانب ان الفساد متفش بشكل كبير، الوضع السياسي غير مستقر ومن المتوقع حدوث انفجار. واضاف ان الاخ سالم لم يتبق عنده غير مبلغ 7 الاف و900 دولار، مشيرا الى ان عملية نقل الاخوة من نيروبي الى لوق تكلف كثيرا، والطريق البري لا يصلح للتنقل.
وارفق ابو حفص في رسالته تقريرا ماليا عن الوضع في جيبوتي قال فيه ان الوضع في جيبوتي مهم وحيوي بالنسبة للعمل، وطالب بوجود اخ في هذه المنطقة للتنسيق، ونصح بان يكون متزوجا وليس اعزب، وطالب بسحب الاخ خالد، وان يجلس مكانه ابو احمد الراجي «عبد السلام» هو وزوجته الصومالية، ويقوم بنفس المهمة، وارفق تقريرا كتبه الاخ خالد عن المصاريف في جيبوتي، ومرتبات العناصر هناك وهي 150 دولارا لكل واحد.
وترجى ابو حفص في رسالته ابو عبد الله بن لادن بسرعة البت في مرتبات المدربين، حيث ان الغالبية منهم يفكرون في الزواج، وهذه هي المشكلة الرئيسية عندهم، وقد ذكروني باني قد وعدتهم بانهم ستكون لهم معاملة خاصة، فرجاء البت في هذا الامر والبت فيه بسرعة.
و
عبد الله فضل محمد قائد «القاعدة» في شرق أفريقيا ومن أخطر المطلوبين أميركيا, ويتحدث عبد الله فضل الانجليزية والعربية والفرنسية والسواحلية وفق موقع مكافأة من اجل العدالة، وهو من مواليد جزر كومورس بشرق أفريقيا عام 1972 ويعتقد أن فضل في الثلاثينات من العمر ووصف بأنه جيد جدا في استخدام الكمبيوتر، ، وقد أظهرت إحدى جوازات سفره المثبت عليها احد ابنائه وزوجته ميمونا ونسخة من بطاقة سفر خاصة به مؤرخة بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1997، على الخطوط الكينية، ورحلة قيادي «القاعدة»، كما هو مبين في بطاقة السفر تبدأ من نيروبي الى الخرطوم فدبي ثم كراتشي ثم نفس طريق العودة. حيث كان بصدد التنسيق لعملية نيروبي التي كان إثرها تفجير السفارة الامريكية سنة 1998.
ويعتبر عبد الله فضل محمد، المطلوب اميركيا على لائحة الارهاب الدولي، التي يتصدرها بن لادن ونائبه الدكتور الظواهري, ويعد عبد الله فضل من أهم المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، الذي رصد مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى اعتقاله أو ادانته.
ففي17 سبتمبر 1998 اتهمت محكمة في نيويورك عبد الله فضل محمد بالضلوع في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي بكينيا وفي دار السلام بتنزانيا في السابع من أغسطس (آب) من ذات العام. وتعود علاقة شرق افريقيا بـ«القاعدة» الى عام1991 عندما انشأ اسامة بن لادن معسكرات تدريبية في السودان، قبل الانتقال الى افغانستان.
من خلال رسالة فضل يمكن إستنتاج أكثر من خاصية في أسلوب القاعدة وأهدافها مع ربطها بأحداث الستة السنوات الماضية في كل من الصومال والسودان وأفغنستان.
شفرة الاتصال:
كما يظهر من الرسالة بتردد للاسلكي مرتبط بتقسيم زوجي وفردي للأيام لنوع الرسالة, وهذا مايلاحظ في تسجيلات الظواهري وكذلك المنسوبة لبن لادن التي تحمل شفرتها بعد 2002 من الأحداث الموازية لوقت ظهور خطابه و من تم تاريخ العمليات الذي يأتي مطابقا لقسمة تاريخ الخطاب أو جمعه, وأحيانا بعد ثلاثة أشهر من الخطاب في يوم 11 أو عدد يطابق الرقم 7 أو عدد يطابق نفسه.

تأمين المعسكر :
من الواضح أن مركز الانطلاق الخاصة بعمليات القاعدة, لايمكن أن تكون إلا ذاخل تضاريس يصعب فيها السيطرة العسكرية وخصوصا عبر التذخل الجوي مع ضمان ولاء سكان تلك المناطق أو إنحيازها لإعتمادها على حرب العصابات. ومع تدبدب الاحداث في الصومال, كان توجه القاعدة إلى إنشاء قاعدة ثانية في الغرب, تتوفر فيها البعد الاستراتجي وشروط جغرافية وتقنية تضمن عامل الربط بقواعد أخرى لها لتسهيل الامداد العسكري والتحرك, وكانت هي القاعدة في بلاد المغرب العربي.
ومع خدمة الخرائط الطبوغرافية لموقع كوكيل, لم تعد القاعدة بحاجة للإرسال بعثة رصد, فيكفي الان تحديد المواقع المناسبة والبحث عن الشخص أو المصلحة المشتركة لخلق تحالفات مع سكان تلك المناطق.
الامداد :
(ويمكن الحصول على الامدادات من عدة جهات وايصالها عبر كينيا او الصومال) إذا دققنا في سبب إختيار فضل لمرور الامدادات عبر كينيا والصومال, سنجد أن التنظيم يعتمد بالدرجة الاولى في إستمرار إمدادته على الفساد وفوضى السلاح والنظام, وقد أشار إلى ذلك المرسل في تقريره عن الوضع السياسي في كينيا حين قال أن الفساد متفش بشكل كبير, وهذا لايعني به فقط الناحية الاخلاقية وإنما إمكانية كشف تنظيمه وخيانة الكنيين له لصالح أطراف أخرى مقابل المال, أما الصومال فهي تشهد ولازالت فوضى أمنية تصعب معها السيطرة على تهريب وتجارة السلاح.. وبذلك وجود منطقة نزاع يصلح لتدشين مركز للقاعدة بشرط وجود منافد لها يحكمها الفساد حتى تضمن إستمرارها.
وبهذا فكل منطقة تحمل نفس المؤهلات , أي فساد إداري وأخلاقي, أو حدود جغرافية يحكمها نفس القانون + فوضى أمنية + تضاريس صعبة + ساكنة موالية أو محايدة = مكان مرشح لظهور تنظيم إرهابي تحت أي مسمى..

النشاط الاستخباري :
لقد أكد المرسل على إستمرار عملية الاستطلاع وجمع المعلومات المستمر عن العدو ومعرفة الارض جيدا، مضيفا (حتى نكون جاهزين للعمل في أي وقت). وهذه العملية تشمل بالطبع كل الاحداث السياسية على الساحة والسير العادي لتحركات القوات الامنية وطبيعة تنظيمها في حالات الاستنفار, وكذلك توجهات السكان الفكرية والعقائدية والسياسية ومستوى الهشاشة لديهم لتقبل تفكير جديد أو رفضه.

مراقبة شديدة للعرب :
كانت هذه إحدى العقبات لدى القاعدة, فتواجد عناصر عربية في بلدان إفريقية يثير دائما الانظار ويجعل مخطاطاتهم تخرج عن دائرة السرية ولاينفع معها التمويه وسط مجتمعات زنجية, في المقابل لايمكن الاعتماد على العناصر الصومالية لتميزهم بملامحهم الشرق الافريقية وتيكات في سلوكيتهم يصعب التخلص منها. لهذا تم التركيز على المهاجرين الافارقة في أروبا القادمين من السينغال والبنين وساحل العاج , وفي البلدان الشرق أوسطية على المقمين من إثيوبيا وإيريتريا و السودان وعلى الاجئين الصومالين, وفي البلدان الناطقة باللغة الانجليزية على القادمين من كينيا ونيجيريا في سياق إعدادهم لساحة إفريقية شبيهة بتلك التي في العراق. كما حدث مع التنظيم الاروبي وعناصره ذات الاصول المغاربية وإرتباطه بساحة العراق.

الوضع في جيبوتي مهم وحيوي بالنسبة للعمل :
جيبوتي بحكم موقعها ونشاطها التجاري في المنطقة عبر مينائها المستقبل للبضائع من كل مكان, كانت تشكل مركز إتصال ولوجستيك مهم بالنسبة لمركز القاعدة في شرق إفريقيا, وبالطبع ستكون القاعدة في الغرب الافريقي بحاجة لمركز إتصال ولوجستيك بنفس الشروط الجيبوتية, لهذا كان السينغال بحكم موقعه ونشاطه التجاري كمستقبل جيد عبر منافده البحرية والبرية, ونشاطات الزوايا الصوفية المتحركة ذهابا وإيابا من السينغال لحجهم الجماعي إلى مواسم الاضرحة في كل من المغرب والجزائر وذاخل السينغال وموريتانيا والسودان, وحرية تحرك تجار الذهب السينغالين حتى جيبوتي, المكان المثالي لفتح مكتب للإتصال تحت غطاء مكتب تجاري ما.
خصوصية مثلث الشر :
هو مثلث حدودي مشترك بين موريتانيا والجزائر ومالي في أقصى جنوب الصحراء, كان مرتعاً لتسلل المتطرفين,بعد أن كان الأمر يقتصر على تجارة التهريب في السلع والمنتجات الغذائية والسجائر والهجرة غير الشرعية، انضافت تجارة الأسلحة وانتشار قطّاع الطرق في مناطق لا تكاد تخضع لأي رقابة ليصبح في الاخير قاعدة لتنظيم القاعدة!!
فمنطقة الساحل والصحراء التي تتداخل فيها الحدود ويغيب عنها الأمن تحوّلت إلى مصدر للإرهاب. ودلّت وقائع محاكمات ناشطين مغاربيين في بلدان شمال افريقيا على وجود معسكرات تدريب وقواعد انطلاق «إرهابيين محتملين» كان الهدف من استقطابهم ارسالهم إلى العراق للقتال الى جانب «المقاومة العراقية»، إلا ان تضييق السلطات المغاربية الخناق على منافذ عبورهم التي كانت تنطلق من الساحل والصحراء ثم الجزائر في اتجاه تركيا وسورية، أو عبر موجات الهجرة غير الشرعية نحو البلدان الأوروبية، جعلت «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي», يفعل تحركاته في الساحة البديلة للعراق, ويركز معظم نشاطته في المنطقة المغاربية والصحراء الكبرى, واقامة قواعد للتدريب على استخدام الأسلحة في صحارى عازلة بين شمال مالي وجنوب الجزائر قبل إرسال المتطوعين، وبحسب افادات معتقلين في خلية تضم احد عشر شخصاً كانوا يعتزمون شن هجمات في المغرب فإن أميراً مفترضاً لـ «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» في الجزائر اتفق مع أبي مصعب الزرقاوي على استقطاب المناصرين، ويعتقد بأنه أرسل أكثر من ألف متطوع الى العراق.
وألقى تفكيك خلية الساحل الافريقي ظلالاً على الهجوم الذي كانت نفذته جماعات متطرفة ضد ثكنة عسكرية في موريتانيا، ويعتقد بأن الهدف كان الاستيلاء على الاسلحة لاستخدامها في التدريبات. غير ان افادات المعتقلين أوضحت ان الأمير الافتراضي اقترح على أعضاء الخلية تنفيذ هجمات في المغرب بدل التوجه الى العراق، ما دفع بالمتهم الرئيس سعيد الدغيري الى شراء مقر في مدينة طنجة شمال المغرب يعتقد انه خصص لصنع المتفجرات، لكن السلطات اعتقلته في مركز على الحدود مع موريتانيا بعد أن كان مطلوباً بسبب نشاطات مرتبطة بالإرهاب.
تواجد التنظيم في الصحراء الساحلية ساهم في زيادة نشاطات التدريب وتجارة السلاح والهجرة غير الشرعية حيث تم إستقطاب من المحترفين لتلك النشاطات بعد تلقيهم دروساً دينية.
ورغم الأزمة التي تجتازها العلاقات بين المغرب والجزائر إلا أن خطورة هذا التنظيم فرض تعاون أمني بين البلدين, حيث أن السلطات الجزائرية كانت قد رحّلت نشطاء مغاربة حاولوا الالتحاق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال.
وهناك تحقيقات أفادت أن "جهاديين انتحاريين" جرى تجنيدهم في إسبانيا تلقوا تدريبات على استخدام الأسلحة والمتفجرات، في صحراء منطقة الساحل القاحلة التي تمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر وأن تنظيم القاعدة تمكن من إقامة قاعدة لتدريب أعضاء تنظيمه وحلفائه الجزائريين في "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في مالي، وهي واحدة من أفقر دول العالم، وبذلك يكون التنظيم قد حقق هدفه بالاستحواذ على قاعدة قريبة من أوروبا تتيح الانطلاق منها لمهاجمة الدول الأوروبية .
وكان المدعو أبو مصعب عبد الودود ـ أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال ـ قد أصدر بيانا في 13 سبتمبر 2007 أعلن فيه ولاءه لإمرة أسامة بن لادن، زعيم تنظيم "القاعدة"، وقد أثار هذا التحالف بين التنظيمين قلق المسؤولين في أجهزة الأمن في دول الاتحاد الأوروبي خاصة في إسبانيا وفرنسا نظرا للتواجد المكثف للجماعة السلفية للدعوة والقتال في البلدين حيث اعتقل نحو مئة عضو من أعضاء هذه الجماعة في عدة مدن إسبانية منذ عام 2001 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق