سرقة السيارات في لبنان: عصابات تحترفها وسلطات تلاحقها

سرقة السيارات وتزوير مستنداتها وأرقام هياكلها ومحركاتها هي مهنة تحترفها بعض عصابات السرقة في لبنان، إذ تتبع تلك العصابات أساليب متعددة في عملها، مما يقتضي ملاحقة مكثفة من القوى الأمنية اللبنانية.
سيارة تعرضت للسرقة
لاقت سرقة السيارات في لبنان رواجا خلال الأعوام القليلة الماضية

وتحمل قصص سرقة السيارات في لبنان حكايات مثيرة. ينفي منير، وهو شاب يسكن في بيروت، أن تكون سيارته قد سرقت منه، وذلك عندما يتم إخباره أنه تم العثور على سيارته "المسروقة".

ويتبين لاحقا أن لوحة سيارة منير القديمة، التي تم إتلافها سابقا، قد أعيد إحياؤها من قبل عصابة محترفة، وجرى وضعها على سيارة جديدة مسروقة تم ضبطها مؤخرا. وهنا قد يقع أصحابها الجدد ضحية عملية تزوير متقنة انطلت عليهم ساعة الشراء.

يقول منير لـ بي بي سي إنه لا يدري على من تقع المسؤولية في مثل هذه الحال. لكنه يرى أنه يتعين على الدولة قمع السرقات، وهو يخشى في مثل هذه الحال أن تكون عصابات السرقة قد استنسخت لوحة سيارته الجديدة.

هذا وقد لاقت سرقة السيارات في لبنان رواجا خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ تبيِّن الإحصاءات التي أعدتها قوى الأمن الداخلي أن عدد السيارات المسروقة في البلاد عام 2008 بلغ 1774 سيارة، وأن القوى الأمنية تمكنت من استعادة 906 سيارات منها.

وقد تتم عملية السرقة بالتعاون بين عدد من العصابات، إذ يقول العقيد فؤاد خوري، رئيس مكتب مكافحة السرقات الدولية في وحدة الشرطة القضائية، في لقاء مع بي بي سي: "إن التحقيقات مع عدد من العصابات قد بيَّنت أنها تستخدم التقنية ذاتها."
 
ويوضح العقيد خوري أن عمل عصابات سرقة السيارات يتم عادة على مرحلتين: "المرحلة الأولى تتولاها عصابة تقوم بسرقة السيارات الحديثة، وحتى القديمة، بقوة السلاح. وعندها تدخل المرحلة الثانية، تقوم هذه العصابة بتسليم هذه السيارات إلى عصابة أخرى متخصصة بتزوير المستندات وأرقام هياكل السيارات ومحركاتها." ويضيف قائلا: "إن تغيير أرقام الهياكل والمحركات يتم بشكل متقن إلى درجة كبيرة قد تضلل بعض القوى الأمنية المولجة التدقيق فيها."
وبشأن تزوير المستندات العائدة للسيارات المسروقة، يقول العقيد خوري: "إن تلك العصابات تستخدم تقنية الحاسوب، وبالتحديد برامج المسح ( السكانر) والتحكم بالصور واستبدالها عبر برامج معالجة الصور".
وهناك سهولة في صناعة وبيع لوحات السيارات، إذ أن أصحاب هذه المهنة يكتفون بطلب رخصة تسجيل السيارة دون معرفة منهم بأساليب المزوِّرين.
يقول كريم لحود، أحد أصحاب محلات صناعة لوحات السيارات في لبنان: "نحن نعتمد على السمعة الطيبة للعملاء عند استنساخ لوحات جديدة لسياراتهم، وعلى الرخصة الأصلية لتسجيل السيارة لكي نطبع رقمها على اللوحة المعدنية، وإلاَّ فإننا نمتنع عن تقديم خدماتنا لغير حاملي تلك الرخص الأصلية."
 
وقد كثفت القوى الأمنية اللبنانية نشاطها في مكافحة سرقة السيارات مؤخرا، إذ توضح إحصائية وزارة الداخلية أن عدد السيارات المسروقة انخفض في عام 2009 إلى 1368 سيارة، وتم استعادة 823 منها. كما سجلت 185 حادثة سرقة لسيارات في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط عام 2010، تم استعادة 110منها. وكان اللافت أن إحدى السيارات المسروقة تعود إلى مكتب مكافحة الإرهاب في الشرطة القضائية اللبنانية، لكن جرى استرجاعها بعد يومين من سرقتها. وقد بيّنت الإحصاءات أن أكثر أنواع السيارات استهدافاً من السارقين هما من نوعي «هوندا» و«مرسيدس».

ويمكن القول إن تعدد أساليب عصابات سرقة السيارات يواكبه تنوع في طرق تسويق ما يسرقونه، إذ تشير التحقيقات القضائية إلى أن بعض العصابات يفاوض أصحاب السيارات المسروقة على دفع مبالغ مالية مقابل إرجاعها إليهم، لكن بعيدا عن أعين السلطات.
كما تقوم عصابات أخرى بتفكيك السيارات المسروقة، ومن ثم بيعها قطعا مجزَّأة في السوق المحلية، أو تلجأ لتهريبها إلى الأسواق الخارجية، أو تعيد بيع السيارات من جديد، لكن بعد تزوير مستنداتها.

bbc arabic

0 التعليقات:

إرسال تعليق