قد يجد البعض تقاربا كبيرا في قصة نشأت تنظيم القاعدة الإسلامي, بقصة نشأت جماعة فرسان الهيكل المسيحي.. وربما هذا التطابق لم يأتي وليد الصدفة!!
فهناك قاعدة تحكم كل حدث في تاريخ البشر ولهذا كان أجدادنا حكماء في كتابة تاريخهم حتى نستوعب دروسه دون الخوض في تجارب تكون مكلفة دائما.. وهي "كل البدايات المتشابهة تؤدي إلى النهايات المتشابهة". ففي عام 1118م قامت هذه الجمعية بتسعة فرسان كأعضاء تأسيسيين, كانوا ضمن الحاميات الصليبية المتواجدة في القدس لحماية الحجيج, وأصبحت بعد ذلك من أقوى المنظمات المتطرفة ولقرنين من الزمن, حيث استطاعت أن تخلق لها نفوذا مطلقا في الشرق, انتهى برجوعهم إلى أوروبا واتهامهم بالهرطقة بسب ممارستهم المستفزة ضد القوى المتنفذة في الكنيسة وممالك أوروبا.
ولقد كان الهدف الأساسي لذلك التنظيم الذي رحبت به الكنيسة وقتها, هو دمج هدف الراهب بواجب الفارس عبر شهر سيوفهم لمحاربة العرب المسلمين, مستندين على تعاليم القديس أوغسطين, وتخذوا العذراء راعية لمشروعهم المقدس.
واستطاعوا أن يحصلوا على دعم الملوك الصلبين المعنوي والمادي, فقد كان تحمسهم للدفاع عن المسحية بأرواحهم وما يمتلكون مهما كانت المخاطر وتشبثهم بالأراضي المقدسة وعدم التفريط في شبر منها إلى المسلمين من العهود التي قطعوها على أنفسهم.
واستطاعوا أن يحصلوا على دعم الملوك الصلبين المعنوي والمادي, فقد كان تحمسهم للدفاع عن المسحية بأرواحهم وما يمتلكون مهما كانت المخاطر وتشبثهم بالأراضي المقدسة وعدم التفريط في شبر منها إلى المسلمين من العهود التي قطعوها على أنفسهم.
وكانت هذه الجماعة في البدء مرابطة في مراكز الضيافة التي نشأت لرعاية الحجيج الذين لا يجدون مكانا للضيافة لعدم تعاون سكان المنطقة من المسحيين الارثودكس.ولقد كانت جهودهم لخدمة الحجيج وحمايتهم, سببا في إثارة الانتباه وحظيهم بدعمهم المادي والمعنوي, وبدأت التبرعات تنهال عليهم من الأمراء والملوك الذين يمرون بهم في طريقهم إلى حج أراضي المقدس, فقد كان غالبيتهم من الفقراء الذين يعيشون على إعانات الكنيسة والمحسنين, ولم يكونوا يجدون في ذلك أي مشكلة باعتبارهم من الفرسان الذين اختاروا حياة التقشف والرهبان في سبيل الواجب المقدس.
وظلوا لتسع سنوات من تأسيسهم لجمعيتهم يلتزمون بمظهر التقاء والطهارة, وفجأة بدءوا يتصرفون بوقاحة واستعلاء.
ومع الأحداث السياسية التي كانت تشهدها الأراضي الإسلامية وقتها من انشقاق وضعف, تكونت أجواء محركة للعامة من المسلمين في الاتجاه للضغط على حكامهم في سبيل إتحاد الجهود وتحرير الأراضي المحتلة التي تأتي معها قطع للطرق التجارية وتهديد لأمن الحجيج المسلمين في طريقهم إلى الحجاز.
فرأى الملوك الصلبين في فرسان الهيكل قوة إضافية في إيطار تجهزهم للمعارك ضد المسلمين. وهكذا تم اعتراف الكنيسة بفرسان الهيكل بفضل توصية من الملك بولدوين سنة 1127م إلى بابا الفاتيكان هونوريس وأختار لهم بنفسه زيا يمثلهم في رداء أبيض, وفي عام 1146م أضاف البابا يوجين الثالث عليه صليبا أحمر.
فرأى الملوك الصلبين في فرسان الهيكل قوة إضافية في إيطار تجهزهم للمعارك ضد المسلمين. وهكذا تم اعتراف الكنيسة بفرسان الهيكل بفضل توصية من الملك بولدوين سنة 1127م إلى بابا الفاتيكان هونوريس وأختار لهم بنفسه زيا يمثلهم في رداء أبيض, وفي عام 1146م أضاف البابا يوجين الثالث عليه صليبا أحمر.
وقد قام زعيم الجمعية بجولة عبر ممالك أوروبا لحشد أعضاء ومتطوعين, حصد خلالها أموالا وأسلحة وأراضي من تبرعات المؤمنين لهم والعديد من الهدايا.. وانظم إلى صفوفها فرسان من أرقى العائلات في أوروبا.
أقام فرسان الهيكل علاقات متميزة مع طائفة الحشاشين, فكل الشواهد تقول بأن فرسان الهيكل في سنة 1127م أي في سنة تنصيبهم رسميا من الكنيسة, كانوا ضمن حامية عسكرية مرابطة للسيطرة على دمشق بتحالف مع الحشاشين لتحقيق ذلك. وترد شواهد أخرى على أنه كان هناك إستلامات لمبالغ مالية من منظمة الحشاشين, ما فسره المعاصرون لهذه المعاملات, من أنها دعم من المنظمة الأم للمنظمة الأصغر وهناك من فسر على أنها كانت عبارة عن جزية..
وفي الواقع تلك التعاملات المالية, كانت جزء من علاقة مصلحة بين منظمة إرهابية (الحشاشين) ومليشيات في طريقها إلى الترقي إلى منظمة قوية (منظمة فرسان الهيكل), يجب أن تضمن تعاونها حتى لا تخرج الأمور عن سيطرتها, ففي حالة تواجد الصليبين, في حالة تحفز للحرب, لا يكون هناك إمكانية لتفرغ الممالك الإسلامية للحد من نشاط الحشاشين, وفي نفس الوقت تضمن تسهيل مرور قوافلها التجارية عبر الأراضي التي يسيطر عليها الصليبين أو منعها من دخول الأراضي الإسلامية بهدف خلق اضطراب وخلل في اقتصادها.
فقد كانت ممارسة فرسان الهيكل تشير على أنهم يحاربون من أجل أنفسهم ومصالحهم كما تفعل كل الميلشيات الان, فالقوة التي اكتسبوها بدعم من الكنيسة والممالك جعلتهم يوظفونها لمصالحهم أكثر من توظيفها لخدمة الصليب.فأعضاء تلك الجمعية لم يكونوا يستلمون أوامرهم إلا من زعيمهم ولم يحملوا الولاء لأي حاكم في المنطقة, فكانوا يمثلون دولة داخل الدولة وخارجة عن أي توجيه أو سيطرة.
ولأحد كانت لديه القدرة على تحديد لمن كان انتماءهم فعليا, فأحيانا كثيرة كانوا يتعمدون خرق الهدنة واتفاقيات الصلح مع المسلمين كي تجدد الحرب من جديد, كوسيلة لسيطرة على الوضع السياسي باعتبارهم من يجيد لعبة الحرب. وأحيانا تجدهم يرفعون لواء التضامن حين يعلن المسلمون الحرب على الصلبين, كما حدث حين أعلن صلاح الدين الحرب على الصلبين وطلب رفع الألوية لكل جماعة مسلمة ترغب في الجهاد معه, فكان لواء أحد قادة فرسان الهيكل من ضمن تلك الألوية.كانت نهاية فرسان الهيكل والصلبين في المشرق على يد صلاح الدين, وانتقل فرسان الهيكل بذلك إلى أوروبا حيث كانت بدايتهم الثانية, ولم يفقدوا نفوذهم مع أكثر من 7000 مقاطعة ومؤسسة ضمن ممتلكاتهم, توزعت على كل ممالك أوروبا , فحين كان مقرهم الرئيسي في باريس بفرنسا, والتي ضمت بداخلها كنوزهم التي جمعوها من السطو على القوافل وعلى مواكب الأمراء العرب. مما شجع الكثير من ملوك أوروبا المفلسين تقريبا بعد الحروب الخاسرة التي دعموها في الشرق, على التجرؤ عليهم واتهامهم بالهرطقة.
ورغم أن توزعهم المنظم في أوروبا كان كفيلا بتمكينهم من السيطرة السياسية كقوة ضاغطة كما كان الشأن مع منظمة الحشاشين, إلا أنهم لم يكن لديهم أي خطة إستراتجية للمستقبل, فكل اهتمامهم كان في الظهور بتعالي وغرور بالنفس مكتفين بوضعهم الاجتماعي كأرستقراطيين, حتى أنهم لم يفكروا في التدرج في السلم الارستقراطي أكثر مما كانوا عليه.
وربما هذا فسر شكل تنظيمهم في الشرق, فهم اختاروا أن يكونوا تجار حرب, وميلشيات لتقديم خدمات قتالية وأحيانا إجرامية لصالح كل الأطراف, مما يدل على أنهم لم يكونوا ممن يسير اللعبة السياسية ولم يستوعبوها وإنما كانوا جزءا من اللعبة السياسية التي كان يقودها أنداك المسلمين والحشاشين والصلبين.
وبانتهاء الحرب بدءوا بعيش حياة كل تجار الحرب بعد أن تنتهي اللعبة ويلتفتوا أخيرا إلى الاستمتاع بما جمعوه بالدم من تلك الحروب.. لتشكيل منظومات تجارية تعتمد على الكم لا على الكيف. تكون عوائدها لصالح زعماء المنظمة وامتيازاتهم, وبالقليل على القسيسين والإخوان الخدم كأعضاء جدد في المنظمة.
لقد كانت نهايتهم على يد ملك فرنسا فليب الأشقر الذي خشي عند إفلاسه من تنامي نفوذهم, وكذلك لعلمه الشخصي بمقدار ثرواتهم الموجودة داخل المركز الرئيسي بباريس, فاستطاع بالحيلة أن يقلب الكنيسة والعامة عليهم من خلال ربط تحركهم إلى الفاتيكان للاجتماع بالبابا بإشاعات تشير إلى أن الاجتماع كان في الواقع استفسار عن عقيدتهم, إلى أن أستطاع إقناع عضوين مطرودين من الجمعية (كانا في سجنه لمشاركتهما في الثورة ضده), من الشهادة ضد الجمعية وفضح ممارساتها الخارجة عن معتقدات الكنيسة. وتم القبض على أعضائها بطريقة سرية ومفاجأة في يوم الجمعة الثالث عشر من ديسمبر 1307م.
فمن خلال إفادة الشاهدين أتهم أعضاء الجمعية بنكرانهم الصليب واعتقادهم بأنه لم يصلب وإنما كان شخص أخر من صلب مكانه, وعبادتهم لصنم داخل كنائسهم يدعى "باموفت" وأصنام أخرى لها ثلاثة وجوه معتقدين أنها تمنحهم القوة والدعم عند مسح أحزمتهم عليها وهي حسب معتقدهم مصدر الثراء وخصوبة الأرض, وأنهم يسمحون لأعضاء الجمعية بممارسة كل أعمال الفسوق.. وغيرها من التهم التي كانت موجهة إليهم, وقد مورس كل أشكال التعذيب على أعضاء الجمعية بغرض الحصول اعترافات على تلك التهم, لكنهم أنكروها, وتم اتهام كل من تطوع للدفاع عنهم من الفرسان بإعلانهم الهرطقة ومن تم حرقهم قبل أن تبدأ المحاكمات.
ورغم أن العديد لم يصدقوا تلك الاتهامات التي وجهت إلى الجمعية لأنها كانت اعترافات تحت الابتزاز والتعذيب, ولأن الهدف من تلك القضية كان لوضع اليد على ثروات الجمعية, إلا أن هذا لم يمنع معظم الباحثين من تصنيف فرسان الهيكل كأتباع غنوصيين.. فهناك علامات في سيرتهم الذاتية كانت تشير إلى أن لدى أعضائها معتقدات غنوصية, منها طريقة دفنهم, حيث تكون سيقانهم متقاطعة في التابوت, ويرمز لقبورهم برسم فارس تطأ قدمه كلبا..
ثم طقوس تعميد أعضائها الجدد خصوصا وأن الجمعية تشكلت من المسحيين العرب من ساكنة فلسطين الذين كان معظمهم يمارس طقوس الغنوصية والمانويية, وبالرجوع إلى الرمز المهم في جمعية الغنوصين نجد فكرة ثمثال الفارس الذي يحمل الذرع من أهم رموزها, كما أن علاقات الفرسان في الشرق مع كل الأطراف والتي لم تكن تحمل أي إنتماء, (إلا هدفهم للارتقاء إجتماعيا), وهي فلسفة من فلسفات الغنوصية أيضا..
ثم طقوس تعميد أعضائها الجدد خصوصا وأن الجمعية تشكلت من المسحيين العرب من ساكنة فلسطين الذين كان معظمهم يمارس طقوس الغنوصية والمانويية, وبالرجوع إلى الرمز المهم في جمعية الغنوصين نجد فكرة ثمثال الفارس الذي يحمل الذرع من أهم رموزها, كما أن علاقات الفرسان في الشرق مع كل الأطراف والتي لم تكن تحمل أي إنتماء, (إلا هدفهم للارتقاء إجتماعيا), وهي فلسفة من فلسفات الغنوصية أيضا..
0 التعليقات:
إرسال تعليق