الديانات السماوية : المسيحية / النصرانية







تطلق النصرانية على الدين المنـزل من الله تعالى على عيسى(ع)، وأتباعها يقال لهم النصارى نسبةً إلى بلدة الناصرة في فلسطين، أو إشارة إلى صفة، وهي نصرهم لعيسى(ع)، وتناصرهم فيما بينهم، وكانت هذه الصفة تخصّ المؤمنين منهم في أول الأمر، ولم يلبث أن أطلقت عليهم كلهم على وجه التغليب.

وقد اجمع النصارى على أن مريم حملت بالمسيح(ع) وولدته في بيت لحم في فلسطين، وأنّه تكلم بالمهد، وأنكر عليها اليهود ذلك، ففرّت به إلى مصر ثم عادت به إلى الشام وعمره آنذاك اثنتا عشرة سنة، فنـزلت به القرية المسماة ناصرة، وبقي فيها إلى أن ألقى الرومان القبض عليه وسعوا به إلى عامل قيصر ملك الروم على الشام.

كان له اثنا عشر حوارياً بعثهم رسلاً إلى الأقطار للدعاية إلى دينه، أشهرهم أربعة الذين تصدوا لكتابة الإنجيل، وهم بطرس ومتى ولوقا ويوحنا، تعرضوا فيها لسيرة المسيح(ع) من حين ولادته إلى حين رفعه، وكتب كل منهم نسخة على ترتيب خاص بلغة من اللغات.
تحولت تسمية النصارى إلى المسيحيين بعد ارتفاع يسوع حياً إلى السماء، وتنقل أصحابه بالدعوة للإنجيل، وطالما بقيت الدعوة محصورة في فلسطين كانو يسمون "نصارى"؛ فلما انتشرت الدعوة المسيحية في سوريا أخذ الناس يسمونهم "المسيحيين".
ثم انتشرت الدعوة المسيحية خارج فلسطين بتنقل أصحاب المسيح، اليهود الهلينيون الذين ولدوا في المهاجر ونشأوا على الثقافة اليونانية، ثم آمنوا بالمسيح.

التثـليث
خرجت المسيحية عن مفهوم وحدة الإله واتبعت بدلاً منه معتقداً غامضاً صيغ خلال القرن الرابع الميلادي، وهذا المعتقد الذي لا يزال حتى الآن موضع خلاف داخل الديانة المسيحية وخارجها، هو معتقد التثليث، وببساطة، فإن معتقد التثليث ينص على أن الله هو اتحاد بين ثلاث أشخاص مقدسين، الأب والإبن والروح القدس في كيان مقدس واحد.

ويجمع النصارى أن الله تعالى واحد بالجوهر ثلاثة بالأقنومية ويفسرون الجوهر بالذات والأقنومية بالصفات، كالوجود والعلم والحياة ويعبرون عن الذات مع الحياة بروح القدس، ويعبرون عن الإله باللاهوت وعن الإنسان بالناسوت ويلقون العلم على الكلمة التي ألقيت إلى مريم(ع) فحملت منها بالمسيح(ع) ويخصونه بالاتحاد دون غيره من الأقانيم. ووضعوا معها قوانين لشرائعهم سموها الهيمانوت.
النصارى، كما جاء في قانون الإيمان الأثناسيوسي يعبدون "إلهاً واحداً في ثلاثة وثلاثة في واحد هو الأب، وآخر هو الإبن، وثالث هو الروح القدس، وهم جميعاً شخص واحد، وليسوا ثلاثة آلهة، وإنما إله واحد والثلاثة معاً خالدون ومتساوون، ويجب عل كل من يأمل في الخلاص أن يؤمن بالتثليث على هذا النحو..".

يمكن القول بأن الإشارات التي استند عليها الاساقفة في الإنجيل إلى التثليث غامضة، ويمكن القول بأن الإنجيل لا يشير في حقيقة الأمر إلى ذلك مطلقاً. ففي إنجيل متى (28ـ19)، نرى المسيح(ع) يطلب من حوارييه أن يبلغوا رسالته لجميع الأمم، وفي هذا التكليف الذي يسمى "التكليف العظيم"، يمكننا أن نرى أن عبارة "معمدين إياهم باسم الأب والابن والروح القدس" هي إضافة للنص التوراتي ولم يقلها المسيح(ع)، وذلك للسببين التاليين:
ـ كان التعميد خلال الفترات الأولى من التاريخ الكنسي، حسبما وصفه بولس في رسائله، يتم باسم المسيح (وليس باسم الأب والابن الروح القدس).
ـ ورد "التكليف العظيم" في أول إنجيل تمّ تدوينه، وهو إنجيل مرقص، دون ذكر لأسماء الأب أو الابن أو الروح القدس. (مرقص، 16ـ15).

أما الإشارة الأخرى الوحيدة للتثليث في الإنجيل فهي في الرسالة الإنجيلية الأولى (يوحنا:5ـ7). غير أن الباحثين المعاصرين يعترفون بأن هذه العبارة التي تقول بأن "هناك ثلاثة يسجلون في السماء: الأب والكلمة والروح القدس، وهم الثلاثة واحد"، هي إضافات تمّت في فترة تالية، ولا توجد في أي من نسخ الإنجيل الموجودة اليوم.
ومن هنا يمكننا أن نرى أن مفهوم التثليث لم يذكره المسيح(ع) أو أي من الرسل، وأن هذا المعتقد، الذي يؤمن به جميع المسيحيين في العالم، إنما هي فتوى صادرة عن تجمع لرهبان في القرن الرابع الميلادي.

هذه المعظلة طغت على بداية صياغة معتقد رسمي لامبراطورية الرومانية, حيث احتدم النـزاع حول موضوع التثليث في عام 318 بين رجلي دين من الاسكندرية، هما آريوس شمّاس كنيسة الاسكندرية وألكسندر مطرانها، وتدخل الإمبراطور قسطنطين في النـزاع.
ورغم أن العقيدة المسيحية كانت تمثل لقسطنطين لغزاً لا يقدر على فهمه، إلا أنه أدرك أن وجود كنيسة موحدة أمر ضروري لكي تحافظ مملكته على قوتها، وعندما فشلت المفاوضات في حسم الأمر، دعا قسطنطين إلى عقد المجلس الكنسي الأول في تاريخ الديانة المسيحية لحسم هذا النـزاع.
وبعد ستة أسابيع، في عام 325، اجتمع ثلاثمائة من المطارنة في نقوسيا، وانتهى المجلس الكنسي الأول إلى فرض مبدأ التثليث، وبدءاً من ذلك الحين، أصبح الإله الذي يؤمن به المسيحيون يتكوّن من ثلاثة كيانات، أو طبائع، في هيئة الأب والابن والروح القدس.

ظلّ الموضوع أبعد ما يكون عن الحسم، بالرغم مما كان يأمل فيه الإمبراطور قسطنطين، وبدأ آريوس يتناقش مع مطران الاسكندرية الجديد، وهو أثناسيوس، حتى أثناء توقيع القانون الإيماني النيقوسي، ومنذ ذلك الحين أصبحت "الآريوسية" صفة لكل من لا يؤمن بالتثليث.
غير أن القانون الإيماني النيقوسي ـ القسطنطيني لم يكتسب صفة الرسمية إلا في عام 451 بموافقة البابا، خلال انعقاد المجلس الكنسي في تشالسيدونيا، واعتبر التفوّه بما يعارض التثليث كفراً وهرطقة، وكان نصيب من يفعلون ذلك أحكاماً تتراوح بين التشويه الجسدي والموت.
ولازال الاروسين ليومنا هذا متشبتين برايهم أنه لا يوجد ثالوث رغم نبدهم من المجمع الكنائسي مستندين على ما ذكر في الانجيل كالتالي : "أعبد الرب إلهك، اعبده وحده" (لوقا، 4ـ8).

العقيدة المسيحية
المفاهيم الرئيسية والخطوط العريضة للعقيدة المسيحية تستعرض التجسّد الإلهي في المسيح، وصلب المسيح الذي أدّى إلى موته فدية عن المؤمنين ولرفع خطية العالم، وقيامته المجيدة فتعطي الإنسان الخاطئ فرصة للنجاة من جهنم ونوال الحياة الأبدية لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ بتلك المفاهيم، يؤمن المسيحيون ان هذه هي الطريقة التي رتبها الله على الأرض ليتصالح البشر معه.

وتعلم المسيحية أن الله أحب العالم وبذل ابنه (وليس ولده) الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل ينال الحياة الأبدية فبهذا الطريق فقط يمكن للإنسان أن ينال الحياة الأبدية وغفران الخطايا فالمسيحية ليست دين مثل باقي الديانات التي تقوم عقيدتها على وجوب العمل الفردي من عبادات وطاعات للفوز بجنّات النعيم. ففي المسيحية الله هو المبادر وهو الذي يعطي الخلاص مجاناً لمن يتوب ويطلب الغفران على أساس موت وقيامة المسيح. وتتفق طوائف المسيحية رغم تعددها على مذهب مسيحي يحتوي على النقاط الرئيسية التالية :

الثالوث : إله واحد يتمثل في 3 اقانيم أو كينونات في ذات الله العجيبة بحيث لا يعتبرونها مسألة جمع ك 1+1+1=3 كما في الرياضيات بل مسألة ضرب 1*1*1=1 اذا استعرنا مثال من الرياضيات كذلك، الأب، الابن، والروح القدس(1)(2)(3)(4).
وتعد من اسرار كشفها الله لهم وتقبل بالإيمان لأنها تسموا فوق العقل وإن كانت لا تناقضه فكيف يقدر المخلوق أن يدرك ذات الخالق. فالمسيحية تعلم لا أحد يعرف حقيقة من هو الله إلا من أراد الله أن يعلن له، يؤمن المسيحيون بوجود الله الآني في كلّ مكان وزمان فهو دائم الوجود وكليّ الوجود منذ الأزل وإلى الأبد قادر على كلّ شيء لا يقدر أن ينكر نفسه.

- يعتبرون أن المسيح هو كلمة الله الموجود مع الآب منذ الأزل بل هو الله الذي ظهر في الجسد تجسد من مريم العذراء المباركة بشراً فظهر عبداً يأكل ويشرب وينام ويتألم ليقدر أن يموت عن الخطاة بجسده، فهو ليس ميخائيل وهو ليس بشرا فقط من نسل آدم ولكن الله المتجسد بشراً ولذلك أطلق الكتاب عليه اسم ( ابن الله ) و( ابن الإنسان ) ، فهو الإله الكامل والإنسان الكامل.

- مريم العذراء ولدت المسيح وأخذ منها إنسانيته فتمم النبوة القديمة أنه هو نسل المرأة فولد من عذراء بقوة روح الله بدون أي زواج لا من الله أو من بشر، فلا يؤمن المسيحييون أن المسيح هو ولد الله فهذا يعتبر اثمٌ عظيم ولكنهم يؤمنون العذراء حبلت به عندما حلّ الروح القدس عليها.

- يسوع هو المسيح الذي انتظره اليهود، ووريث عرش داود وسيملك على بيت داود إلى الأبد.
- يسوع المسيح نقي من الخطايا فهو لم يخطئ وليس فيه غش، وبموته وقيامته، تصالح الله مع البشر التائبين فقط فمحى خطايا من يؤمنوا بالمسيح المصلوب ويتوبوا عن خطاياهم وينالوا بدمه غفران الخطايا، وكلّ من يرفض محبة الله يقع تحت دينونة الله العادلة

- الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ فالخلاص ليس لكل الناس ولا لكل البشرية بل لمن يؤمن.
- سيأتي يسوع ثانيةً على السحاب ليختطف الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين اي المؤمنين به ليكونوا معهُ كل حين في السماء .
- يؤمن المسيحيون الغربيون ان الإنجيل كلام الله وكذلك المسيحيون الشرقيون وبذلك يتّفق كل من الشرق والغرب المسيحي بقدسية الإنجيل.
الكتاب المقدس لدي المسيحيين
ينقسم الكتاب المقدس (لدي المسيحيين) الي:

العهد القديم (التوراة) : التي تختلف قليلا عن التوراة لدي اليهود حيث يرفض المسيحيون بعض الأسفار لدي اليهود علي أساس أنها مضافة ويروا في العهد القديم النبوات التي انبأت عن حياة و موت وقيامة المسيح ورجوع الملك ودينونة العالم

العهد الجديد : و يتكون من 4 اناجيل هي
إنجيل متى
إنجيل مرقس
إنجيل لوقا
إنجيل يوحنا
مجموعة من الرسائل و الكتابات الأخري.

إشترك في كتابة العهد الجديد عدد كبير من الكتاب يربو علي الأربعين كاتبا. و يرى المسيحون في العهد الجديد إتمام النبوات السابقة.
يؤمن المسيحيون أن الله حفظ كلمته إلى الآن وسيحفظها إلى الأبد بناءً على وعوده في كتبه بواسطة أنبياءه.

الطوائف المسيحية

تشعّبت المسيحية إلى فرق كثيرة عرفت التناحر فيما بينها، وادّعت كل منها احتكار الحقيقة المسيحية، ونفت غيرها. وحصرت بكنيستها وحدها الفهم السليم للدين، والمسيح والثالوث وما إلى ذلك.

ندكر منها الكنائس الارثوذوكسية مشرقية : كنيسة السريان الارثوذوكس, كنيسة الاقباط الارثوذوكس, كنيسة الارمن الارثوذوكس, كنيسة اليونان (الروم) الارثوذوكس, بطريركية أنطاكية الارثوذوكس, بطريركية الاسكندرية الارثوذوكس, بطريركية القدس الارثوذوكس.

الكنائس الكاثوليكية : كنيسة الروم الكاثوليك, كنيسة الاقباط الكاثوليك, كنيسة السريان الكاثوليك, الكنيسة المارونية, كنيسة الكلدان الكاثوليك, كنيسة الارمن الكاثوليك, كنيسة الاثين الكاثوليك, الكنيسة الشرقية القديمة, كنيسة المشرق الاشورية.

الكنائس البروستانتية : لوثرية, كالفينية, انغليكانية, المعمدانية, تجديد العماد, ميثودية, إنجيلية, مسيحية أصولية, مسيحية الليبرالية الخمسينية, مورمون, شهود يهوه, الادفنتست, كنيسة الوحدة, التوحيدية.

كنائس الاصلاح : كنيسة نهضة القداسة, كنيسة المثال المسيحي, كنيسة الايمان, كنيسة الله,
الكنائس المستقلة : كنائس الاخوة, كنيسة الاخوة البليموث, كنيسة الاخوة المرحبون, الكنيسة الرسولية. كنيسة النعمة الرسولية, كنيسة المسيح, كنيسة الكرامة بالانجيل, كنيسة النعمة, كنيسة أصدقاء (الكويكرية), المسيحية اليهودية, أريانية, الكنيسة الغنوصية, كاثار.

أشهر الفرق والكنائس القديمة
الملكانية:
سموا بالملكانيين لأنهم أيدوا القرار الذي نصره قسطنطين في المجمع الذي جمعه، وقيل لأنهم أيدوا القرار الذي اتّخذه مجمع خلقدونية عام 451م، ضد بدعة أوطيخا المونوفيزية القائلة بطبيعة واحدة للمسيح، فلقبهم مخالفوهم بالملكيين لوقوفهم في مرقيانوس الذي كان يعاضد المجمع.
هذه الفرقة تابعت القول الذي نصره الملوك فنسبوا إلى ذلك، ومعتقدهم أن جزءاً من اللاهوت حلّ في الناسوت وقد ذهبوا إلى أن الكلمة وهي أقنوم العلم عندهم اتّحدت بجسد المسيح وتدرّعت بناسوته ومازجته ممازجة الخمر للّبن أو الماء للّبن لا يسمون العلم قبل ترعه إبناً، بل المسيح وما تدرع به هو الابن، وكما يقولون إن الجوهر غير الأقانيم كما في الموصوف والصفة مصرّحين بالتثليث قائلين بأن كلاً من الأب والإبن وروح القدس إله".
انتشرت طائفتهم في سوريا ومصر والأردن وفلسطين ويتكلم معظمهم العربية.
النسطورية:
فرقة نشأت في عهد المأمون العباسي، ينسبون إلى نسطور الحكيم بطريرك القسطنطينية. وذكر المؤرخين: إنه تصرف في الأناجيل بحكم رأيه وقال: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة: الوجود والعلم والحياة، وإن هذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو، وأن الكلمة اتحدت بالجسد لا على سبيل الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور كما قالت اليعقوبية، لكن كإشراقة الشمس في كوة على بلورة، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم.
وقالوا إن مريم لم تلد إلهاً وإنما ولدت إنساناً، وأن الله تعالى لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله، واللاهوت والناسوت عندهم جوهران أقنومان وإنما اتحدا في المشيئة.
يخالفون في القتل والصلب مذهب الملكانية واليعقوبية جميعاً، فيقولون: إن القتل والصلب وقعا على المسيح من جهة ناسوته، لا من جهة لاهوته، لأن الإله لا تحله الآلام.
وهؤلاء ينكرون قتل المسيح(ع) وصلبه، ويعتقدون أن ذلك كان سبباً لخلاص اللاهوت من الناسوت، فمن أنكر عندهم وقوع القتل والصلب على المسيح خرج من دين النصرانية بل إنكار رؤيته مصلوباً عندهم ارتكاب محظور.
وعندما اعترض نسطور الحكيم على تسمية مريم العذراء بوالدة الإله، وقد كان بطريركاً بالقسطنطينية، اجتمع مجمع البطاركة وردّوا قوله ولعنوه.
هذه الفرقة انتشرت بين نصارى المشرق من الجزيرة الفراتية والموصل والعراق وفارس.
اليعقوبية:
اختلفت الآراء والأقوال في سبب تسمية اليعقوبية. يقول ابن العميد في تاريخه: "إنهم أتباع ديسقرس بطريرك الاسكندرية، وإنما سموا بذلك لأن اسمه كان في الغلمانية يعقوب". وقيل، بل نسبوا إلى يعقوب البردغاني تلميذ سويسرس بطريرك أنطاكية وكان راهباً بالقسطنطينية، فكان يطوف في البلاد ويدعو إلى مذهب ديسقرس.
ويدور مذهبهم على القول إن المسيح هو الله، وقالوا بالأقانيم الثلاثة، إلا أنهم قالوا إن الكلمة انقلبت لحماً ودماً، فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده، بل هو هو، فهم يقولون باتحاد الله بالإنسان في طبيعة واحدة هي المسيح، فالله باعتقادهم هو المسيح، فمات وصلب وقتل، وبقي العالم ثلاثة أيام بلا مدبر.
ومنهم من يقول ظهر اللاهوت بالناسوت فصار ناسوت المسيح مظهر الحق لا على طريق حلول جزء فيه ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو كما يقال: ظهر الملك بصورة إنسان وظهر الشيطان بصورة حيوان، وكما أخبر التنـزيل عن جبريل(ع) بقوله تعالى. وأكثرهم يقول إن المسيح جوهر واحد إلا أنّه من جوهرين، وربما قالوا طبيعة واحدة في طبيعتين.
وهكذا جمعوا بين الخالق والمخلوق، أو كما قال بعض أهل العلم "جمعوا بين القديم والمحدث".
فهم يعتقدون أن اللاهوت والناسوت اتحدا وامتزجا كامتزاج الماء والخمر، فهما جوهر واحد وأقنوم واحد وطبيعة واحدة.
عاش اليعاقبة في مصر والسودان والنوبة والحبشة.

أما أهم الفرق الحديثة:
الكاثوليكية:
ولها اعتقاداتها الخاصة في العديد من المسائل:
مريم: هي مريم العذراء، بريئة من الشهوة ومن الخطيئة الأصلية (الخطيئة المميتة)، ومن كل خطيئة. وقد أعلن مجمع الثلاثين 1545 - 1563 براءتها الكاملة، وطهارتها التامة؛ ووضَعَها فوق كل القديسين، وكرّس حقها في نوع من التعبّد الخاص. وقد أُدخلت عقيدة الحبل بلا دنَس، التي تبرىء مريم من الخطيئة الأصلية، في العام 1854.
الملائكة: خُلقوا قبل البشر؛ وهم كائنات روحانية، ينتظم الملائكة في تمَرتبات أولاها: (السيرافيون) ثم القروبيون، ثم العروش. هناك تمرتبات أخرى تُذكِّر بالاقطاع، وتتوازى مع تقسيمات الأرض والسلطة في أوروبا إبان بعض العصور (زيعور، أوغسطينوس، الفصل السادس).
الأسرار الإلهية: مبدأ محوري في المسيحية، فالالتجاء إلى ما هو سرّ، أي غامضٍ أو كامن ومقدّس، ظاهرة بارزة في المسيحية. هناك دائما إحالةٌ إلى الأسرار أو إلى تقديم هذه كمعتقداتٍ فوق العقل وخارجه. قد يقال أحياناً إنها ليست ضده ولا نقيضاً له؛ هي فقط من نطاق خاص أو لها منطق خاص بها قد لا يفهمه البعض؛ ولكنها في حد ذاتها قابلة لأن تُشرح وتُكْتنه،

أسرار البيعَة (الكنيسة):
تُقِر الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، منذ القرن الميلادي الثاني عشر ومع مجمع الثلاثين، سبعة أسرارٍ كنَسية هي: المعمودية، التثبيت، القربان المقدّس، التوبة، المسحة الأخيرة، الكهنوت، الزيجة. والسر البيعيّ صلاةٌ، أو هو نوع من الحياة ينالها الكاثوليكي بواسطة علامة؛ فيتطهر وتزكو نفسه، ويأخذ النعمة التي يمنحها الله له.
المعمودية: هي السر الكنَسي الذي يعيد بالماء والكلام الحياة التي أماتتها الخطيئة. وهي تُزيل الذنوب، والعقوبات التي تترتب على تلك الذنوب. تسمّى المعمودية، وهي واحدةٌ لا تتكرر، بسر الأموات. ويجب أن تتمّ قبل أي سر آخر. لها حلة خاصة، وتعطي المعمّد إسماً؛ ويُصرَف ماؤها على الأرض الزراعية النظيفة، يديرها أُسقف، أو أي كاهنٍ مجاز.
التثبيت: يُقصد به تعزيز الحياة الروحية في المعمَّد (المعمود)، وأن يُقَوي النفس على إتمام ما بدأ به السر الأول، وأن يَستنـزل مواهب الروح القدُس على ذلك المعمّد، ويتم التثبيت للطفل بعد بلوغ العاشرة، في حفلة خاصة على يد أُسقف
المدينة: يَدهن الجبهة بدهن الميرون (مزيج من البلسم وزيت الزيتون سبقت مباركته في يوم الخميس السابق لعيد الفصح) ويرسم صليباً عليها قائلاً: "أَسِمُك بوسم الصليب، وأُثبّتك بميرون الخلاص باسم الأب والابن والروح القدس". ثم يضربه على وجهه صفعةً لطيفة خفيفة، تذكيراً بما قد يعترض المثبَّت من أجل محبة المسيح، ثم يمنح الأسقف تبريكاً للعموم.
القربان: هو سرّ أسرار؛ أو سرّ الافخارستيا. يحتوي جوهريا وفعلياً روح المسيح وألوهيته داخل الخبز والخمر. به يُدخِل المسيح ذاته إلى جسد المتناوِل تحت أعراض الخبز والخمر. القربان يغذي الروح كما أن الخبز العادي يغذي الجسد. إنه يغفر الخطايا؛ وواجبٌ على الكاثوليكي تناول القربان على الأقل مرة في السنة في موسم عيد الفصح أو إذا كان في خطر الموت. من شروطه: التوبة، والصوم عن الطعام والكحول ـ قبل ثلاث ساعات ـ إلا في حالة المرض. أسَّسه المسيح ذاته، وأوصى به. مادته الخبز اللامخمَّر، ونبيذ الكرمة دون اشتراط لونٍ معين. والاحتفال به غير مبسّط، وتحكمه عدة حركات أو رسومٍ ترمز إلى حركاتٍ تعاد إلى حياة المسيح أو تدل عليه. ويتولاه فقط الأساقفة والكهنة...
التوبة: هو سرّ اعتراف الخاطئ. يُعترف أمام الكاهن، في خلوة، بالخطايا المرتكبة ضد وصايا الله والكنيسة. ويحظى المعترف بال
حلة من مرتكباته تلك، وبالغفران، بعد أن يفي بالمفروض عليه من الكاهن بشكل تعويضٍ من مثل الصدقات والإماتات الجسدية والأصوام.
تعطي الكنيسة الكاثوليكية أهمية كبيرة لسر التوبة، فهو والمعمودية يعتبران الطريقين الوحيدين للخلاص. وللسر هذا تفصيلات، وشروط، وأوضاع، ولحلّ المعترف من خطاياه درجات. والمسيح هو الذي أعطى لتلاميذه سلطة الحل تلك، فقد قال لبطرس: "ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وما تحله يكون محلولاً". والمسيح أيضاً بعد قيامته قال لتلاميذه: "من غفرتم خطاياهم غُفرت".
المسحة الأخيرة: سُميت بذلك لأنها الأخيرة التي ينالها المتدّين. تعطى للمحتضر، أو عند خطر الموت، تعزية للنفس وتعزيزاً للبدن. قوامها أن المريض أو هذا الممسوح _ الذي يكون في غرفة نظيفة وعلى سرير مغطى بخوان أبيض، وبالقرب من طاولة عليها عدة أشياء ـ يعترف أمام الكاهن الذي يزوِّده بعدئذ بالزاد الروحاني (القربان)، ويمسح بزيت الزيتون (زيت خالص، بلا بلسم ولا خمر، مبارك من الأسقف في يوم الخميس المقدس) مناطق حواسه الخمس مع تلاوة نصوص خاصة، ثم يمنحه غفراناً بابوياً كاملاً. لا تسمح الكنيسة لمن هم في مرتبة سفلى منح هذا السر لأحد.
الكهنوت: سر به تمنح السلطة الكهنوتية ـ التي سلّمها المسيح إلى تلاميذه ـ إلى البعض كي يقوموا بخدمةٍ روحية للكنيسة. ويستمر ذلك النقل للسلطة إلى حين عودة المسيح في آخر الزمان. تتم الرّسامة بوضع اليد على رأس المرسوم مع تلاوة نصوص مخصصة، وشرط أن يكون هذا في حال النعمة، مولوداً من زواج كاثوليكي، غير مرتبط بزواج، راشداً، حائزاً على الثقافة المطلوبة، ناذراً النفس للتبتل والفقر والطاعة على مدى العمر. قام القطاع الكهنوتي بدور بارز في تطوير الوعي الديني والتاريخي المسيحي، وفي تمرتبه المتنوع المتفاعل باستمرار مع الشروط الاجتماعية الاقتصادية، وفي تنظيم دقيق للشعائر والأزياء ونُظم كثيرة كالرهبنات والأعياد (عن الأعياد في المسيحية، را: زيعور، أوغسطينوس، ص:47).
الزيـجـة: سرّ يربط بين معمدين بالغين لمدى الحياة بزواج شرعي، وينالان به نعمة مزاولة الواجبات العائلية، لا تقر الكنيسة الكاثوليكية للطلاق بشرعية. يتم بحضور الخوري أو الكاهن، في احتفال يسمى بالإكليل...، ويخضع لبعض الشعائر، ولتنظيمات أو قواعد تحكم تأسيسه، وبطلانه، وأوقاته المناسبة، الخ...

الأورثوذكسيـة:
تشكو الكنيسة الأورثوذكسية (أورثوس = مستقيم، دوكسا رأي) من ظلم الغرب الكاثوليكي لها، ومن جهله بتعاليمها، ونفوره أو كرهه لها. تقول إنها المحافظة الأمينة على اللاهوت منذ قرونه الأولى، وواحدة غير منقسمة، ولم تضف أو تحذف أي معتقد متمسكة بالتعاليم الصافية القديمة التي ورثتها عن الحواريين والآباء الأول. لذا فهي تُتهم، ـ وترفض التهمة ـ، بأنها متعض جامد وكنائس مشتتة ذات شعائر عتيقة غير متطورة.
نهوضاً من المبدأ الشمّال في الأرثوذكسية، رفض الاضافة أو الإلغاء داخل المعتقد العام، لا تقر هذه الكنيسة بتعديل العقيدة المركزية، الثالوث المقدس، من قبل الغرب الكاثوليكي، تعديلاً تأتي من زيادة كلمة والابن (فيلوك/ الابنية). إذا كانت الكاثوليكية تعتقد بأن الروح القدس انبثق، فاض عن، صدر عن، من الأب والابن قبل كل الدهور.
فالأرثوذكسية هنا تنبذ إضافة كلمة والابن التي ضمتها الخوصة Symbole توليدو في السنة584م. كذلك لا تؤمن الأرثوذكسية بعقيدة الحبل بلا دنس التي أدخلتها الكاثوليكية في سنة 1854، مخالفة بذلك العقيدة التي تحدَّدت بموجب المجامع المسكونية السبع والخوصات نيقية ـ القسطنطينية وبإسم المبدا عينه الذي يرفض كل تعديل، لا تعترف الأورثوذكسية بأسسٍ دينية أو بنصوصٍ مقدسة تثبت الإيمان بالمَطْهر (وحتى بالجحيم). ولا تعترف بسلطة البابا، ولا بعصمته إذ العصمة للكنيسة كلها، ولا بالغفرانات الكنسية.
ومن الفروقات التي تعود إلى الشروط التاريخية والعبقريات الخاصة عند الأمم، يذكر: شكل إشارة الصليب إذ هو عند الأرثوذكسية. بثلاثة أصابع ومن اليمين إلى الشمال، وسر الاعتراف (والحلّة) يختلف نوعاً ما. وكذلك الحال في المعمودية، وفي سر الزواج إذ يسمح أحياناً بالطلاق، وفي الأصوام، والأعياد والاحتفالات الدينية أو الطقوس والشعائر.
وتقوم أيضاً فجوة في تباعد الأزياء، والرتب الكهنوتية، والمناصب، وتنظيم الرهبنات والأديرة. أما بنية الكنيسة أو تقسيماتها، وخدمها، فهي عند الأرثوذكسية تخلو من المقاعد، يركع المؤمنون في عيد العنصرة، ومن الآلات الموسيقية.

البروتستانتيـة
قدمت البروتستانتية نفسها كحركة للاصلاح, حيث رفضتها الكنيسة الكاثوليكية وعدتها تمرد على تعاليم المسيحية. ولذلك تعرض أتباع المذهب الجديد إلى الاضطهاد وبعدها الابادة والتهميش. وجاء تصدّع الكنيسة الرومانية بحصول الانشقاق الكبير في الشرق 1054م؛ وكانت الهيمنة وبعض المسائل الأخلاقية المحيطة بسمعة رجال الكهنوت والبابوات، والامتيازات الجمّة أو الثروات المفرطة اللاصقة بالأساقفة، مع عوامل أخرى عديدة، أسباباً ظاهرة في احتدام الصراع داخل الكنيسة الكبرى الواحدة. ثم أتى سبب مباشر هو إقامة عقائد مفروضة من المجامع على المؤمن بلا أدنى نقاش، وحتى بلا سندٍ من الكتاب المقدّس أو غير موجودة في الأناجيل.
ومن المعروف أن من العقائد التي تميز حركة الاصلاح الديني المتعددة الأصوات والكنائس، هي فهمها لعقيدة الإيمان بالسيد المسيح، ومواقفها من سلطة الكتب المقدسة، والموحاة منها بشكل خاص، وحرية تأويل تلك الكتب أو بذل الجهد الشخصي في فهمها واستخراج قواعد الإيمان والحياة منها وحدها.


موقف اليهود
اعترض اليهود على يسوع ورفضوا ادعاءه بأنه هو المسيح المنتظر و حرضوا الرومان علي صلبه و لا يؤمن اليهود بالإنجيل و حتي الآن ينتظرون الماشيح الذي علي حد إيمانهم لم يظهر بعد.

موقف الاسلام
يؤمن المسلمون بما جاء به القرأن الكتاب المنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أن عيسي عليه السلام هو نبي و رسول من عند الله وأن السيدة المريم عليها السلام قديسة اختارها الله لطهارتها وعفتها وإيمانها لتحمل كلمة منه يكون رسولا لبني إسرائيل ومعجزة منه مرسل بكتاب مقدس هو الإنجيل, ويكون طفل من غير أب كما كان خلقه لآدم عليهم السلام واعتبر المؤمنين المسيحيين أقرب الناس إلى المؤمنين المسلمين.
إلا أنه جاء بشيئن ضد أتباع الديانة المسحيية بعد 6 قرون من بعث المسيح وهي توكيل سكوك الغفران حيث أكد القرآن أن لا وسيط بين العبد وربه ولا تشترى مغفرته بل توهب برحمة منه وكذلك بنوة سيدناعيسى إلى الله حيث أشارالقرآن إلى أن هناك جيل من القساوسة أضلوا الناس في إشارة أخرى إلى الوسيلة التي إتبعها المبشرون مع الشعوب السلتية في أوروبا وأن الحب والإحترام للسيد المسيح والسيدة مريم شيء وإشراك الله مع مخلوقات كرمهم بمعجزات منه شيء آخر لايغفره لأنه شرك والشرك من أعظم الكبائر في الديانة الإسلامية.
كما أنهم يؤمنون بعودة المسيح في آخر الزمان بعد ضهور المهدي المنتظر ليوحد المؤمنين على دين واحد ومفهوم واحد ويعتقدون أنه سينزل عند المأدنة الشرقية لمسجد بمدينة دمشق السورية وسيصلي مع المسلمين والنصارى ومن اتبعه في أحد مساجد دمشق بعد أن يقتل المسيخ الدجال.
المسيحية الحديثة
لا يقبل معظم المسيحيين التفويضات او المسلمات التي تنص عليها الكنائس التي يرتبطون بها. فكما يختلف اليهود الشرقيون عن قرنائهم الغربيون، فنجد هذا الإختلاف جلياُ بين المسيحيين الشرقيين والمسيحيين الغربيين. ففي القرنين السابع عشر والثامن عشر والذين يوصفون بفترة الصحوة، نجد المعسكر المسيحي الغربي تأثر تأثّراً كبيراً في قضية فصل الكنيسة عن الدولة واضمحلال هيمنة الكنيسة على الدولة في العديد من الدول الأوروبية.

أصبح بامكان الأوروبي الإختلاف مع معتقدات الكنيسة بحرّيّة تامة، بل وبامكانه التحرر من قيود أي كنيسة برفضه الإنتماء لأي من الكنائس مع احتفاظه لحقه بالمواطنة والعيش الكريم. سلك هذا الطريق الملايين من الأوروبيين مما ساعد على استحداث مفاهيم جديدة على المسيحية وأسهمت تلك المفاهيم في إنشاء طوائف مسيحية جديدة في المعسكر المسيحي الغربي.
وتجدر الإشارة ان الصحوة الأوروبية الغربية واثارها في العقيدة المسيحية لم تجد نفس التأثير في المعسكر المسيحي الشرقي ولم تُحدث نفس التغييرات الراديكالية كما فعلت بالمعسكر المسيحي الغربي.
في الولايات المتحدة وأوروبا، نجد ان إعتناق المسيحيين بالتعليمات المسيحية قد قلّ بشكل ملحوظ، وأصبح التزاوج بين شتّى الطوائف المسيحية من الأمور الطبيعية بعد أن كان من الكبائر.
أمّا فيما يتعلّق بالمعسكر المسيحي الشرقي، وبعد قرون من جثوم الشيوعية ومباديء الإلحاد على عموم أوروبا الشرقية، بدء الإقبال على حياة الكنسية ومزاولة الطقوس المسيحية في الكنائس وإعادة بناء او ترميم الكنائس المهترءة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق