يقول كتاب جديد ان نجوما من امثال ميا فارو وجورج كلوني ربما اسهموا في تاجيج واطالة امد الصراع في دارفور بدلا من حل ازمة ذلك الاقليم السوداني الذي تمزقه الحروب.
يقول مؤلف كتاب (انقاذ دارفور، الحرب الافريقية المفضلة لدى الجميع)، روب كريلي: "اتخذت حركة انقاذ دارفور ومن يدعمونها من النجوم موقفا منحازا جدا في القضية".
ويضيف في مقابلة مع بي بي سي: "فلم يكن احد يسمع سوى هذا الكلام المبسط والمباشر الذي يطالب بتدخلنا في الصراع".
وكان كريلي وصل الى شرق افريقيا كمراسل لصحيفة التايمز اللندنية عام 2004، اي بعد مرور عام على التمرد في درافور.
وكانت مهمته ان يكتب لصحيفته عن الصراعات الدموية في المنطقة، في الصومال وجمهورية الكونغو الديموقراطية ونهاية الحرب الاهلية في جنوب السودان.
لكنه يقول: "اصبح من الواضح بسرعة ان هناك صراعا واحدا يريد مني رؤسائي ان اتابعه واكتب عنه".
ويضيف: "ما ان وصلت الى المنطقة حتى بدأت اتلقى اتصالات تطلب مني الذهاب الى دارفور ـ فهناك شيء مختلف يتعلق بدارفور، شيء مثير والناس مهتمة به".
فمقارنة بصراعات اخرى في افريقيا، بدا الصراع في دارفور بسيطا: في سبتمبر/ايلول 2004 استخدم وزير الخارجية الامريكي وقتذاك كولن باول كلمة "ابادة جماعية".
ويقول كريلي انه تم تصوير الصراع وكانه "حكومة شريرة عازمة على تدمير المتمردين ومؤيديهم، اطلقت تلك الميليشيا المرعبة ـ الجنجويد ـ في حملة ابادة ضد القرويين الذين يدعمون المتمردين. وهكذا بدا الامر بسيطا، اي حربا يسهل فهمها: اشرار ضد طيبين".
واضاف: "قارن ذلك بالصومال، حيث عدد لا يحصى من امراء الحرب والميليشيات الاسلامية يحاربون بعضهم بعضا، او جمهورية الكونغو الديموقراطية التي تموج بالصراع منذ 10 سنوات، ومن يقول انه يفهم تلك الصراعات ليس الا مزايدا".
ومع استمرار تغطيته للصراع زاد فهم كريلي للوضع في دارفور وانه ليس بسيطا اطلاقا، بل هو صراع ماساوي معقد وليس ابادة جماعية مباشرة.
بالطبع لا تتفق الممثلة ميا فارو مع تحليل كريلي لكنها تثني على الكتاب لانه يقدم "وصفا صحفيا دقيقا يستند الى تجاربه المباشرة في دارفور".
يسرد الكتاب تعقيدات الصراع التي شاهدها كاتبه منذ وصوله وتعلمه من سائقه الصبر انتظارا للحصول على تصاريح السفر وهو يشرب الشاي كثير السكر واكتشافه ان في دارفور اودية خضراء ومزارع برتقال وهو يجوبها على ظهر الحمار وتعرفه على استخدام الخرطوم لجيوش بالوكالة عندما التقى وجها لوجه مع جوزيف كوني، المتمرد الاوغندي الشهير الذي لا يزال يرهب مناطق في جنوب السودان.
ويسجل الكاتب كيف تغيرت دارفور على مدى سبع سنوات، فهناك اقتصاد نشط في مدن المنطقة الان بفضل اموال الامم المتحدة والمساعدات ويمكنك ان تشتري (اي-بود) من سوق مدينة الفاشر، لكن قاذفات انتينوف التي تجوب السماء ما زالت تخيف القرويين.
والتقى الصحفي بضحايا الاغتصاب وقادة التمرد وميليشيات العرب الذين انضموا للمتمردين والمقاتلين العرب الذين خسروا سبل التجارة وعمال النفط والموظفين السابقين الذين تركوا اعمالهم ليقاتلوا من اجل بقاء طوائفهم.
يقول كريلي: "لم تعد الحرب تقليدية بالمعنى الذي نفهمه ـ ان هناك طرفا ضد اخر. بل عصابات، وانشقاقات داخل القبائل العربية التي انقلبت على بعضها البعض وهناك قضايا مناطق الرعي والمياه".
ويقول كريلي ان حركة انقاذ دارفور تجاهلت تلك الامور وجاءت دعوة جورج كلوني العاطفية لمجلس الامن الدولي عام 2006 لتدخل قوات حفظ السلام كي تنقذ مئات الاف الارواح.
ويضيف: "ان الخط الفاصل بين طرفين الذي كان يمكن لقوات حفظ السلام ان تتدخل على اساسه انهار وتحول الى حالة فوضى تشبه الصومال الى حد كبير حيث لا يجدي تدخل قوات حفظ السلام".
حتى كثير من عمال الاغاثة الميدانيين والدبلوماسيين لا يتفقون مع الخط الذي تنتهجه حركة انقاذ دارفور.
يقول الكاتب: "كانت هناك منظمات اخرى تتحدث عن اشكال اخرى لحل الازمة، لكنها اخرست بسبب علاقتها المعقدة بالخرطوم".
ولم تكن الدعاية الناجمة عن انخراط النجوم في الحملة هي المشكلة، بل الاهداف الخفية للحملة، على حد قول الكاتب.
ويقول روب كريلي: "ما اخشاه هو عندما ينخرطون في طرح حلول وينحازون الى جانب واحد وسبيل واحد للتصرف. واعتقد ان في هذا درسا للمستقبل بالنسبة للحملات والتحالفات، وقد بدانا نشهد تحالفا من اجل هايتي".
ويضيف: "اعتقد انه من الرائع ان نرى الناس تقيم حفلات موسيقية لزيادة الوعي وجمع التبرعات، لكني اعتقد انه لا يجب ان يتورطوا كثيرا في تحديد السياسات لان ذلك يدخلهم في مشاكل".
ويلقي باللائمة جزئيا على تحالف انقاذ دارفور في فشل اتفاق السلام في دارفور عام 2006 الذي وقع عليه فصيل واحد فقط من فصائل المتمردين.
ويقول: "تشجع بعض قادة التمرد بدعم ذلك التحالف وما زالوا يعتقدون ان حركة انقاذ دارفور يمكن ان تحقق لهم منافع اكثر".لوسي فلمنج
0 التعليقات:
إرسال تعليق