في سابقة ليست بالعادية، مازال الطفل أبو العلى الجيلالي الشهير بلقب "بّاجلول"، والبالغ من العمر 16 سنة، يخوض معارك قضائية طويلة من أجل الدفاع عن حرمة مقابر المسلمين التي تدنس في جماعة المغاصيين التابعة لقيادة مولاي إدريس زرهون، التي يقام فيها موسم "سيدي علي بنحمدوش"، الذي يستقطب سنويا المئات من الزوار، منهم نسبة كبيرة من ممارسي الشعوذة والدجل والشذوذ الجنسي والدعارة بمختلف أنواعها.
وتعود قصة هذا الطفل الذي دخل في دعاوى قضائية ضد جماعة المغاصيين من أجل الحد من انتهاك مقابر المسلمين كل سنة عند حلول الموسم، إلى سنة 2006 عندما كان مقبلا على زيارة قبر جدته في الذكرى الأربعين لوفاتها، حينها ـ يقول الطفل أبو العلى لـ هسبريس ـ انه وجد العديد من الخيام قد نصبت على قبر جدته كما هي منصوبة على العديد من المقابر المجاورة، وهو الأمر الذي لم يستسغه هذا الطفل الذي قصد القائد السابق لجماعة المغاصيين ليخبره بأن قبور المسلمين تنتهك، وأن هذا الوضع يصعب تقبله، ليجيبه القائد بالقول: "لبغا يموت يموت حتى يدوز الموسم وبني على جداتك أو دبر راسك"، وهو الأمر الذي لم يتقبله الطفل أبو العلى الجيلالي الملقب بـ"بّا جلول"، خصوصا بعد أن سانده العديد من سكان المنطقة، ليقرر بعدها رفع دعوة قضائية بتعاطف مع والده بتاريخ 14/04/2006 على المجلس القروي لجماعة المغاصيين، حيث أصدرت المحكمة الإدارية بمكناس حكما تحت عدد 488/12 بتاريخ 15/11/2006 بتحمل المسؤولية الكاملة للمجلس الجماعي عما تتعرض له مقابر المسلمين، هذا في الوقت الذي ألغي فيه القرار الإداري المتخذ من طرف نفس المجلس في دورته الاستثنائية بشهر غشت لنفس السنة أي 2006، لتتناسل بعدها الشكايات والدعاوى ضد المجلس القروي للمغاصيين والتي تصب كلها في اتجاه الكف عن استغلال الموسم السنوي "سيدي علي بنحمدوش" لأغراض تجارية دون مراعاة حرمة مقابر المسلمين التي تدنس كل سنة، وكذا الكف عن التصريح لممارسي الشعوذة والدجل تحت مبررات مختلفة.
وبعد أن تعددت المضايقات التي تعرض لها الطفل أبو العلى وعائلته، قرر "بّا جلول"، بتاريخ 22 ابريل سنة 2008 أن يكتب منشورا (تتوفر "هسبريس" على نسخة منه) وأن يوزعه في شوارع مدينة مكناس يطالب فيه لقاء الملك محمد السادس، وهو ما جعل الشرطة القضائية بمكناس تلقي القبض عليه وان تخضعه لتحقيق مطول دام أكثر من عشر ساعات متواصلة، قبل أن يطلق سراحه، بعد إعداد محضر مطول أرسل حينها إلى وكيل الملك الذي رفضه، معتبرا أن ما جاء فيه غير قانوني، بعد أن تم الاستماع إلى الطفل القاصر أبو العلى دون حضور ولي أمره.
ورغم كل هذه الصعوبات التي واجهها هذا الطفل الذي ينتمي إلى قبيلة "بني جناد"، فإنه واصل طرق جميع الأبواب المتاحة أمامه، مدعوما بأغلب سكان القبيلة الذين ساندوه ووقفوا خلفه، حيث طالب لقاء القائد الجديد لجماعة المغاصيين ليطلعه على شكواه وعلى ما يحدث لقبور المسلمين أثناء الموسم السنوي، إلا أن القائد رفض استقباله، ليرسل بعدها "بّا جلول" رسائل مضمونة إلى القائد يشرح فيها الشكوى التي رفض قائد المغاصيين سماعها منه شخصيا. لكن مرة أخرى رفض القائد استلام رسائل أبو العلى الجلالي الذي يتابع أمام النيابة العامة بتهم "التعنيف وإهانة موظف"، وهي التهمة التي يقول عنها الطفل أبو العلى الجلالي، في تصريحه لـ"هسبريس"، أنها تهم ملفقة، وان المجلس الجماعي في شخص الرئيس وقائد المنطقة وبعض المستشارين هم من يقفون وراءها.
وعن من يقف وراءه ويمنحه الدعم المادي والمعنوي لمواصلة مسلسل الدعاوى والشكاوى المتتالية ضد جماعة المغاصيين، قال الطفل أبو العلى الجلالي، أن مصاريف الدعاوى هي من مال العائلة الخاص، كما يساندني أشخاص من القبيلة ومن لهم غيرة على قبور المسلمين، زد على كل هذا، أن هناك أكثر من 13 محاميا من هيئة المحامين بمكناس تدافع عني بشكل مجاني لإيمانهم بعدالة قضيتي، وبخصوص قضية الشواذ التي سلط عليها الضوء حينما أثار مشكلة تدنيس القبول، وهل أصبحت القضية الآن تتجاوز تدنيس مقابر المسلمين، قال "بّاجلول" ان تدنيس قبور المسلمين لها الأولوية، لكن هذا لا يعني الصمت على ما يحدث في موسم "سيدي علي بنحمدوش"، خصوصا ظاهرة الشذوذ الجنسي والدعارة وبيع اللحوم النيئة والمضرة بالصحة التي تذبح تقربا للالة عائشة، وهي اللحوم التي على شكل قرابين تذبح بشكل غير صحي في صمت رهيب للسلطات عن ذلك، كما أن هناك اليوم اخطبوب ـ يقول الطفل بّاجلول ـ في جماعة المغاصيين يحاول بمبررات واهية انتزاع السكان أملاكهم من أجل أن يستغلوها لبناء مساكن ومحلات تجارية يستفيدون منها عن طريق الكراء كلما جاء موعد الموسم الذي يدر عليهم مبالغ مهمة جدا تفوق ما يمكن تصوره. وفيما يخص الخطوة التالية التي سيسلكها، قال بلغة فيها الكثير من التحدي، أنه أولا يناشد القضاء الذي يؤمن بعدالته، كما أنه يناشد ملك البلاد في التدخل من اجل تغيير واقع جماعة المغاصيين من الشعوذة والدجل الذي تعيشه كل سنة، ورفع الظلم عن قبيلة بني جناد، كما أني أعلن بصراحة وللعلن أني سأبقى متشبث بهذه القضية مهما حدث.
وجدير بالذكر، أن "موسم سيدي علي بنحمدوش" الذي يقام سنويا بجماعة المغاصيين، التابعة لولاية مكناس، قد أثار الكثير من الجدل في السنوات الأخيرة بفعل العديد من الممارسات الشاذة التي يشهدها هذا الموسم، خصوصا وان ذكر هذا الموسم السنوي بات مرادفا للممارسات الجنسية الشاذة، وازدهار الدعارة بمختلف أنواعها، ونشاط سوق الشعوذة والدجل. في هذا السياق تشتكي المصالح الصحية في جماعة المغاصيين حسب ما علمته "هسبريس" من مضايقات كبيرة وضغوط رهيبة من أجل أن لا تثير مسالة الذبائح التي تذبح كقرابين وتبركا لـ"لالة عيشة قنديشة" المرأة الأسطورية التي يشهد محيطها في الموسم حالات شاذة ومقززة، خصوصا أثناء ذبح العديد من الماعز والخرفان والبقر والجمال بطريقة في كثير من الأحيان لا تخضع لأي ضوابط صحية، هذا في الوقت الذي تشد المئات من النساء من مختلف ربوع المغرب وحتى من بعض الدول الخليجية والأوروبية الرحال إلى "سيدي علي بنحمدوش" لممارسة شعائر الشعوذة والدجل الخاصة بهم، حيث الرقص بشكل هستيري مجنون وبأجساد في أحيان كثيرة عارية داخل البيوت التي تكترى بمبالغ لا تقل عن 3 ملايين سنتيم للأسبوع، وهي البيوت التي تمارس فيها الدعارة والشذوذ بشكل علني. كما أن العديد من النساء يقصدن صخرة "لالة عيشة" محملين بالشموع والحنة والتمر وذلك من أجل التبرك لإزالة العين، وطلب الزواج بالنسبة للعوانس، والشفاء من الأمراض المستعصية، كما يتم الاستحمام في العين القريبة من صخرة "لالة عيشة" والمخصصة في الغالب للعوانس حيث تشعل الشموع قبل دفع بعض الدراهم والدخول للاستحمام ورمي الملابس الداخلية بشكل علني مفضوح أمام الملأ، كنوع من الطقوس التي تجلب العرسان للعوانس ورمي الحظ العاثر.
ويشهد موسم "سيدي علي بنحمدوش"، العديد من الظواهر المرضية الأخرى كالكي في أماكن عديدة من الجسد، والوخز بالإبر وشرب المياه المغلية وإصدار أصوات غريبة تحت مسمع ومرأى من السلطات التي ترخص لكل هؤلاء لممارسة طقوسهم الجاهلية.
ووفق معلومات دقيقة حصلت عليها "هسبريس" فإن كرمة "لالة عيشة"، قد تم كرائها هذه السنة بمبلغ يزيد عن 70 مليون سنتيم، كما علمت "هسبريس" ان موسم "سيدي علي بنحمدوش" تبلغ المبالغ التي تروج فيه ما يزيد عن 250 مليون سنتيم، وهو الدافع الأساسي يقول مصدرنا في محاولة العديد من الإقطاعيين بالجماعة لنزع ملكية السكان أو تعويضهم بمبالغ هزيلة تحت مبرر المصلحة العامة وذلك للاستفادة من هذه الدور لكرائها أثناء الموسم السنوي الذي مازال يثير الجدل كل سنة
هسبريس
0 التعليقات:
إرسال تعليق