الحوثيون أقاموا عشرات «الحوزات» في المدن ووزعوا السلاح على «الشباب المؤمن»
صنعاء: عبد الستار حتيتة
تحاول الحكومة اليمنية التوصل لحل سلمي لمشكلة التمرد الحوثي، في شمال غرب البلاد، بعد أن تحول آلاف الفقراء لوقود في حرب أشعلتها خطابات إيران وحزب الله، بحسب سياسيين ودراسات يمنية متخصصة تشير إلى أن التمرد الحوثي يتخذ طابعا مذهبيا شيعيا، ذا خطاب يشبه الخطاب الإيراني ولغة حزب الله اللبناني. لكن الحوثيين، الذين يطعن بعضهم في شرعية النظام الجمهوري القائم منذ الإطاحة بالحكم الزيدي عام 1962، يجهزون، في المقابل، لحرب جديدة ضد المواقع العسكرية والإدارات الحكومية في محافظات الشمال الغربي وفي القلب منها مدينة صعدة، مركز التمرد الذي بدأ في شكل سلمي ثم تحول لتمرد مسلح منذ عام 2004.
تعتبر صعدة، مركز تمرد الحوثيين، من أهم مراكز تصنيع الحرف المرتبطة بالحديد، والأسلحة الحربية، تاريخيا، وفي الوقت الحاضر، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 700 ألف نسمة. ويطبق مسلحون مختصون نظريات لحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، وصلت إلى صعدة في كتيبات وأقراص مدمجة، وعثرت سلطات الأمن على بعضها، في تصنيع قنابل هجومية وصواريخ، وتطوير أسلحة أخرى. ويقول الحوثيون إنهم «يعدون العدة للدفاع عن أنفسهم، بسبب استمرار التمركز العسكري في عدة مناطق وطرقات، وعدم وفاء السلطات بالتزاماتها»، حيث توعد عبد الملك الحوثي السلطات اليمنية: «إذا قمتم بأي عدوان جديد فإن خسارتكم وهزيمتكم أكبر مما حصل في الماضي بكثير».ومع تزايد مأساة الحرب التي وقع ضحيتها الآلاف، ومع شح الأمطار وتراجع الزراعة وانتشار البطالة، تدخلت أطراف إقليمية ومحلية لحل المشكلة بين السلطة المركزية والمتمردين، على الرغم من وقوع اشتباكات طاحنة بين الجانبين كان آخرها في العام الماضي.. ومع استمرار إطلاق النار المتقطع بين الحين والآخر، تبدو لجان السلام، التي انحصرت في لجان محلية غير فاعلة، تراوح في مكانها، وهو ما يترتب عليه تعطل خطط وضعها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لإعمار ما دمره الاقتتال في صعدة التي يبعد مركزها التجاري عن العاصمة بحوالي 243 كلم.
وعقب انسحاب الجيش من عدة مواقع تعبيرا عن حسن النوايا، زاد الحوثيون من قدراتهم وسيطروا على مواقع تمركز جديدة، بحسب مسؤولين حكوميين في صعدة، قائلين إن المسلحين الحوثيين المتمركزين في الجبال والمناطق الوعرة توسعوا أيضا في فرض إتاوات على المواطنين تحت اسم «الجهاد في سبيل الله».
ويضيف أنه «بعد تراجع الجيش من أجل الخيار السلمي، فوجئنا بأن الحوثيين مصممون على السير في طريقهم، يعملون لكسب الوقت وزيادة قدراتهم.. وبدأوا بالهجوم على من حاربوا تحت علم الدولة الموحدة.. يحاربونهم باعتبارهم خونة لهم، وقتلوا الكثير من الأبرياء».
في منطقتي «ساقين» و«السهلة» كان يمكن سماع صوت الرصاص من بداية الليل لأوله.. عمليات من الكر والفر. ترصد مجموعة من خمسة إلى سبعة أفراد تتمركز فوق قمة جبل موقعا عسكريا، وتدرسه، وهي تتتبع تحركاته وفي الليل تغير عليه، فترد المدفعية على مصدر النيران بقوة. وتتجدد الاشتباكات مجددا. وفي الصباح أعلن مسؤولون عسكريون عن مصرع جندي وإصابة أربعة آخرين من القوات الحكومية، ومقتل ما لا يقل عن عشرة من المتمردين بينهم أحد أبناء شيخ محسوب على الحوثيين يدعى رشاد الذبيان.. وطيلة اليوم التالي بدأت عملية نزوج لمئات من المواطنين عن بيوتهم خوفا من اتساع العمليات العسكرية.ويتبادل المتمردون وقوات حكومية وضع النقاط التفتيشية على الطرق المؤدية إلى منطقة صعدة، في حالة من الكر والفر بين الجانبين، في محاولة من كل طرف لإحكام سيطرته على المدن والقرى والطرق الواصلة بين التجمعات السكنية.. ولا تعرف الكثير من الأسر مصير أبنائها المتغيبين، أو الذين تقطعت بهم السبل بسبب الأكمنة والحواجز والمنع.
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي اختار طريق الحل السلمي، مصدرا تعليمات مشددة بحقن الدم على جبهة صعدة، لم يخف غضبه من «الأطراف التي تدعم الحوثيين»، قائلا إنهم حصلوا على دعم وخبرات من عناصر في حزب الله اللبناني، ليس من حزب الله كحزب أو قيادة، ولكن من عناصر تنتمي إلى هذا الحزب.
وأعد مجموعة من الناشطين اليمنيين تقريرا عن حرب صعدة وتبعاتها يلخص الأحداث التي وقعت قبل 2006، قالوا فيه إن الشعب اليمني، إضافة إلى أنه مسلح بأسلحة خفيفة وثقيلة، فهو «تحكمه أعراف وتقاليد قبلية تختلف عما هو مألوف في كثير من الدول العربية»، قائلين «إن هذا يفسر لنا أمورا كثيرة أهمها وقوف بعض القبائل مع الحوثيين حينما بدأ القتال ضدهم.. إنه وقوف مع حليف قبلي، أو مظلوم، أو عالم ذي تقدير كبير، أو غير ذلك من الأسباب التي تدعو القبائل للقتال مع أطراف لا تتفق معها في كل شيء».ويتهم هؤلاء الباحثون في دراستهم بعض الأطراف الموجودة في السلطة بدعم الحوثيين، واستغلال حالة الفقر والبطالة التي يعاني منها أكثر من نصف سكان صعدة، بغرض تحقيق مكاسب سياسية ضد خصوم لهم في السلطة، ومن أجل وضع ترتيبات معينة للمستقبل السياسي في البلاد، وفي القلب منه كيفية انتقال السلطة بعد الرئيس صالح. لكن استطلاعا للرأي أجراه المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية أظهر أن 45% من اليمنيين يرون أن أسباب الحرب تعود إلى تصرفات السلطة، وفى المقابل، كان 43% يرون أن حرب صعدة سببها الحوثيون أنفسهم.
وشغلت قضية التمرد الحوثي المراقبين في اليمن وخارجه، لكن أصابع الاتهام كانت تشير غالبا إلى إيران. وجاء في دراسة بعنوان «الحوثية من إيران إلى حيدان» أن الحوثية تنظيم عقائدي سياسي يسعى لإحياء الإمامة من جديد، و«يعتنقون أفكارا تدعو لنشر مبادئ وأفكار شيعية متطرفة، بعد أن دخلت طورا جديدا، حيث لم تعد تدعي الإمامة بمفهومها التقليدي، وإنما أرادت أن تكون صعدة مرتكزا للمذهب الصفوي (الإيراني)، من خلال تولي الموالين للحوثيين الإشراف على التعليم الديني في بعض المساجد بما فيها الجامع الكبير بصنعاء في فترة من الفترات».وتعود جذور حركة الحوثيين إلى الثمانينات، حين أنشأ رجل دين هناك ما عرف في شمال غرب اليمن عام 1986 باسم «اتحاد الشباب» لتدريس، ضمن ما يدرسه للصبية والشباب، «الثورة الإيرانية ومبادئها». وتقول الدراسة إن هذه الأنشطة تحولت إلى مشروع سياسي، مع بداية الوحدة بين شطري اليمن عام 1990، حيث كان من بين الأحزاب الجديدة التي تم تأسيسها في البلاد حزب «الثورة الإسلامية» الذي ضم الأحزاب الشيعية اليمنية، لكن لم يتبق منها في الوقت الحالي غير حزبين هما «حزب الحق»، و«اتحاد القوى الشعبية»، بعد اختفاء «حزب الثورة» و«حزب الله (اليمني)».وضم حزب الحق الذي يتزعمه في الوقت الراهن حسن زيد، قيادات حوثية كان أبرزها حسين بدر الدين الحوثي، الذي لقي حتفه في مواجهات مع الجيش اليمني عام 2004، ويعتبر في الوقت الراهن الزعيم الملهم، من خلال كتاباته المنقولة عن أدبيات سياسية ودينية لحزب الله اللبناني وإيران، لآلاف الشباب المقاتل ضمن التنظيم الذي أسسه في التسعينات على غرار حزب حسن نصر الله، وأسماه تنظيم «الشباب المؤمن». وولد حسين الحوثي عام 1956 في قرية آل الصيفي بمنطقة حيدان التابعة لمحافظة صعدة. وتقول الدراسة نفسها إن حسين الحوثي كان يعلق الكثير من الآمال والطموحات على تنظيم «الشباب المؤمن»، وإنه سعى لتوفير دعم كبير وهائل عن طريق إيران. وخلال عقد التسعينات وحتى بداية الألفية الجديدة تمكن حسين الحوثي من استقطاب عشرات الآلاف من شباب القبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة. وتبع ذلك إصداره توجيهات باقتطاع نسبة من الزكاة لصالح «المدافعين عن شرف الإسلام، والجهاد في سبيل الله».
وبحسب دراسات متفرقة، استغل حسين الحوثي حالة الفقر التي يعاني منها الشبان اليمنيون في شمال غرب البلاد وغضبهم من الحرب الأميركية والإسرائيلية في كل من العراق وفلسطين، وأنشأ، بعد التفافهم حول خطبه التحريضية ضد أميركا وإسرائيل، العشرات من الحوزات العلمية (الشيعية). وتشير الإحصائيات إلى أنه قام بفتح أكثر من ستين حوزة في عدد من المدن اليمنية، على غرار الحوزات الإيرانية، منها 24 في صعدة، و6 في عمران، و5 في المحويت، و12 في حجة، و5 في الأمانة، و7 في ذمار، و4 في صنعاء، ومركز واحد في كل من إب وتعز.وبمرور الوقت عزز حسين الحوثي تواجده الشعبي، وهتافاته «الموت لأميركا والموت لإسرائيل»، بتسليح أنصاره من «الشباب المؤمن» بالأسلحة، بزعم أنه يعد العدة للأعداء من الأميركيين واليهود، ورفع شعاره الذي ظل يحث آلاف الصبية الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 25 عاما على ترديده وفرضه على المصلين في المساجد عقب كل صلاة جمعة، بما فيها الجامع الكبير في صنعاء.والشعار الذي ما زال أنصاره يرددونه في ساحات المعارك مع القوات الحكومية، وفي قاعات المحاكمات عند محاكمة من يلقى القبض عليه هو: «الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام، اللعنة علي اليهود».ولقي حسين الحوثي مصرعه عقب مواجهات مع أنصاره ممن اعترضوا القوات الحكومية التي كانت ذاهبة للقبض عليه باعتباره خارجا على النظام ومخالفا للدستور. وقلبت موازين العلاقة بين الحوثيين والدولة إلى الآن.مركز الجزيرة العربية اليمني للدراسات قال إن حسين بدر الدين الحوثي كان يوزع هو وأتباعه على الناس أوراقا تشبه المحاضرات تحت اسم «لا عذر للجميع أمام الله»، يبدي فيه الافتتان بسياسات طهران بالمنطقة والتأثر بنظام الحوزات العلمية الإيرانية، وشعارات الخميني عن البراءة من أميركا والمشركين وإسرائيل.
ويعتقد أنصار الحوثي في أقاويل دينية واردة من إيران عن «حتمية حدوث ثورة اليمن الإسلامية الممهدة لظهور المهدي»، معتبرين أنه (حسين الحوثي) هو «الإمام والمهدي المنتظر»، بحسب ما عثرت عليه الشرطة من أوراق مع أنصار للحوثي، بايعوه على السمع والطاعة وجمع الزكاة والتبرعات المالية.
أستاذ أصول التربية وفلسفتها المشارك بكلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور أحمد الدغشي، يرى أن حسين الحوثي، الذي أصبحت له قبل مقتله شخصية كاريزمية، وصل به الأمر إلى وصف أهل السنة بأنهم جميعا «لا يخيفون اليهود، بل الشيعة من يفعل ذلك». وكما يخشى سياسيون في اليمن من تورط سياسيين في السلطة، مع المتمردين الحوثيين، من أجل مكاسب ضيقة، يحذر البعض الآخر من مغبة تورط أحزاب معارضة في تفاقم مشكلة المتمردين الحوثيين، وظهور مقترحات باللجوء إلى النظام الفيدرالي، في إطار الدولة الواحدة، كحل لمشكلة التمرد الحوثي، خاصة بعد أن تولى رئيس حزب الحق الأقرب إلى الحوثيين، والمتهم من قبل قيادات في الحزب الحاكم بدعمهم، رئاسة تجمع أحزاب اللقاء المشترك المعارضة.. ويضم هذه التجمع، إضافة لحزب الحق، كلا من أحزاب الإصلاح (الإخوان المسلمين)، والناصري، والبعث. وبينما ترتفع وتيرة مثل هذه الاتهامات مع تعقد الأوضاع في شمال البلاد، وتزايد توقعات نشوب حرب جديدة بين الطرفين، حذر القيادي في جماعة الإخوان، حارث الشوكاني، الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، من خطورة الانجرار وراء «مخططات الإماميين الرامية لتمزيق البلد تحت لافتة الفيدرالية»، معتبرا الفيدرالية «لا تصلح في دولة كاليمن»، مشيرا إلى أن الفيدرالية ستعمل على تجزئة البلاد، و..«إذا ما تجزأت البلاد سهل على الشيعة الامتداد داخل منطقة حاشد وبكيل ومن ثم السيطرة على صنعاء العاصمة كما حصل عبر التاريخ حيث كانت صعدة هي نقطة الانطلاق العسكري الشيعي صوب صنعاء».
ويرى الباحث عبد الناصر المودع أنه لا ينبغي أن يقتصر تعاطي الحكومة مع التمرد في صعدة على المعالجات العسكرية.. «كان عليها أن تحتويها سياسيا وفكريا»، وأن «تعمل على إعطاء جماعة الحوثي مناخا أكبر من الحرية والعمل السياسي والفكري».وأمام المحكمة الجزائية المتخصصة في اليمن، حيث رددوا الشعار المعتاد «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل»، لم يُخفِ متهمون بالاشتراك في الهجوم على قوات الجيش والشرطة على المشارف الشمالية للعاصمة صنعاء العام الماضي، أنهم تأثروا بالفكر الحوثي، وبأفلام للثورة الإيرانية، وتدريبات حزب الله العسكرية، وكذا من خلال محاضرات من زعماء الحوثيين تدعوهم لمحاربة اليهود إسرائيل وأميركا في منطقة بني حشيش (شمال العاصمة، على تخوم جبل نقم)، ويقصدون بذلك الدولة اليمنية والقوات المسلحة والأمن، قائلين أمام سلطات التحقيق إن هذه التوجيهات بمحاربة الدولة صادرة من عبد الملك الحوثي عبر قائد التمرد في بني حشيش أبو عبد الله الشامي، وإنهم كانوا يستخدمون في القتال صواريخ كتف وقاذفات بازوكا، ورشاشات آلية روسية ذات طابع دفاعي وأخرى إسرائيلية الصنع ذات طابع هجومي منها سلاح ماركة «عوزي» الشهير.
حسن زيد محمد زعيم حزب الحق (الشيعي) والمتهم من قبل قيادات في الحزب الحاكم بأنه أحد من يقومون بدعم الحوثيين، وأن له صلات بإيران، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة في منطقة صعدة تتفاقم.. «وكلما حاولت القوات النظامية هناك السيطرة على الوضع، اتسعت دائرة المنضمين للتمرد بسبب انتهاك حقوقهم وحرمة بيوتهم وسيطرة تلك القوات على أراضيهم.. الأمر اتسع، ورقعة الساخطين على السلطة امتدت إلى محافظات شمالية أخرى، منها الجوف وعمران وحجة.. كلها باتت من أنصار الحوثي نكاية في السلطة.. أرى أن السلطة لا تحرص على الحل بل على خلق بؤر التوتر لاستمرار حالة الطوارئ غير المعلنة في البلاد».
وعما يتردد عن أن عبد الملك الحوثي الذي يتزعم الحوثيين في صعدة أصبحت لديه إمكانيات مالية كبيرة، وكذلك تقنية تكنولوجية عالية، وأنه ربما كان هناك تمويل إيراني للحوثيين، وشبكات اتصال داخلية مستقلة خاصة بهم في منطقة صعدة، قال حسن زيد: «عبد الملك الحوثي شقيق حسين الحوثي.. وكادت الأسرة تستسلم، وكان يحيى الحوثي (شقيقهما المقيم بألمانيا حاليا) هنا (في اليمن) وكان عضوا بمجلس النواب، وعضوا بلجنة الوساطة، خاصة أنه عضو بحزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم).. كادوا ينتهون من هذه المشكلة نهائيا، لولا ممارسة السلطة العابثة التي تسببت في ردود أفعال ضدها بين أبناء صعدة، فوقفوا خلف عبد الملك الحوثي».ويضيف زيد موضحا أنه من المعروف أن المجتمع اليمني مجتمع مسلح، وبدأ المنضمون لحركة الحوثي حرب عصابات تستهدف تحرير أراضيهم وبيوتهم ومزارعهم من معسكرات الجيش، أما ما يقال عن تمويل إيراني أو شيعي خارجي للحوثيين، فهذا أسخف ما يمكن أن يقال.
الحوثيون يؤكدون التزامهم بالشرعية الدستورية، وأن رئيس الجمهورية هو علي عبد الله صالح، وأنه «مرجعيتنا ورئيسنا الدستوري». ولذلك أقول إن الحوثيين لا يطالبون بأكثر من أن توقف السلطة عدوانها عليهم. أما الحديث عن وجود إيراني فهو أكذوبة، لأنه لا توجد أي علاقات بين الحوثيين وإيران.. «كما أنني كرئيس لحزب الحق لا توجد لنا أي علاقات بالخارج، لا مع إيران ولا غير إيران»، مشيرا، فيما يتعلق باتهام السلطة له بأن له يدا في الحرب في صعدة، إلى أن «السلطة هي التي وراء هذه الحرب، وتبحث عمن تعلق عليه شماعة الحرب، فتقول هذا إما انفصالي أو ظلامي أو إرهابي أو إمامي ملكي، أو إيراني، أو تابع لتنظيم القاعدة».
وبينما يتطاير كلام السياسيين في الهواء، يتطاير الرصاص بين الوديان والجبال، ويقع مزيد من الضحايا، والمشردين، بمن فيهم الأطفال والنساء. ولا تعرف الكثير من الأسر مصير أبنائها المتغيبين، أو الذين تقطعت بهم السبل بسبب الأكمنة والحواجز والمنع.. وحذر مشايخ في المناطق الجنوبية من صعدة من ازدياد التحركات التي تنذر بحرب جديدة، وأعلن الشيخ عبد الله روكان من مديرية ساقين شمال غرب العاصمة، الذي كان يحارب وقومه المتمردين الحوثيين، أن المتمردين يجهزون لشن هجوم على المعسكرات التابعة للدولة. وقال سكان محليون من قبيلتي عقبة وحنيش شمال العاصمة صنعاء إن غارة شنها عليهم متمردون حوثيون خلال الأسبوع الماضي، لاعتقادهم أنهم يساعدون القوات الحكومية ويقدمون لها معلومات عن تحركات المسلحين الحوثيين، وإن الهجوم أسفر عن إحراق المتمردين عشرة منازل على الأقل. ويبلغ ضحايا المواجهات الكبرى والمناوشات على مدى خمس سنوات آلاف القتلى والمشردين.. قياديون في حملة شعبية باسم «معا ضد حرب صعدة» يقولون إنه لا توجد إحصائية دقيقة حتى الآن من جانب الحوثيين أو من جانب الحكومة عن ضحايا 5 مواجهات كبيرة في صعدة، لكن القيادي في حزب الحق، محمد مفتاح، يوضح أن الأرقام تشير إلى 9 آلاف قتيل و20 ألف جريح، و9 آلاف أرملة، و6 آلاف أسرة منكوبة و120 ألف مشرد.
وتتهم الحكومة اليمنية المعارضين بتضخيم الأحداث في اليمن «على غير الحقيقة»، في الشمال، لمجرد الرغبة في تحقيق مكاسب سياسية «على حساب الوطن».. وقال مسؤول في الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن مشكلة المتمردين في الشمال، والانفصاليين في الجنوب، ليست بتلك الضخامة التي تصورها وسائل الإعلام.. «الذين يقومون بمثل هذه الأعمال يخالفون القانون والدستور الذي ارتضاه الشعب اليمني، ومن له مطالب عليه أن يقدمها بطريقة سلمية للجهات المختصة، لا أن يقوم بالاعتداء على المواطنين والممتلكات العامة». وتحتاج صعدة إلى عمل كبير لتقليل نسب «الفقر والبطالة»، وهما «من أسباب الحرب»، على حد تعبير الدكتور علي مجور، رئيس الوزراء اليمني. وتقول الحكومة أيضا إنها تبذل جهودا مضنية لحل قضية المتمردين في شمال غرب البلاد دون اللجوء إلى «الاقتحام العسكري» تجنبا لإراقة الدماء، وحثت القبائل والمواطنين هناك على المشاركة في الخطة التي تنفذها لإعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية والمسلحة في السنوات الخمس الماضية. وبادرت الحكومة كذلك بسحب وحدات عسكرية من أماكن قريبة من مزارع في قرى بنطاق صعدة، واعتماد أكثر من 10 مليارات ريال (نحو 50 مليون دولار) لإعادة البناء بحسب ما أكده وزير الإدارة المحلية اليمني رشاد العليمي. وبحسب إحصاءات رسمية أولية، تضررت خلال الحرب على «الفتنة والتمرد» 9730 منشأة منها 7529 منزلا و1702 مزرعة بمختلف مناطق صعدة، كما مولت الدولة، بحسب المجلس المحلي في صعدة، 34 مشروعا في المحافظة خلال العامين الماضيين بلغت كلفتها أكثر من 36 مليار ريال في قطاعات المرافق المختلفة.
من ملف جريدة "الشرق الاوسط" عن اليمن
0 التعليقات:
إرسال تعليق