لقد مات أسامة بن لادن منذ ثماني سنوات خلت في معركة تورا بورا في أفغانستان، وذلك إمََّا من جرَّاء قنبلة، أو نتيجة مرض كلية خطير كان قد ألمَّ به. أو على الأقل هذا ما تفيد به نظريات المؤامرة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: تُرى، هل الشخص الذي يتربع على رأس قائمة المطلوبين في العالم لا يزال على قيد الحياة، أم لا؟
تملُّص وهروب
لقد تمكََّن أسامة بن لادن خلال عقد من الزمن من التملُّص والهروب من وجه أكبر قوة في العام والإفلات من أوسع وأضخم عملية مطاردة في التاريخ.يقول بروس ريدل، وهو الذي ترأس مؤخرا لجنة مراجعة استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيال أفغانستان وباكستان واطَّلع على التقارير الاستخباراتية المتعلقة بأسامة بن لادن، إن قضية تعقب زعيم تنظيم القاعدة لم تصل بعد من البرودة إلى درجة "التجمد".
ليس لدينا أي مفتاح لحل اللغز، أو أي دليل لمعرفة أين يوجد (بن لادن)
بروس ريدل، رئيس لجنة مراجعة استراتيجية الرئيس الأمريكي في أفغانستان وباكستان
أساطير وإشاعات
وفي ظل غياب أي أدلة استخباراتية ملموسة، تظل الأساطير والإشاعات هي التي تلفُّ اسم بن لادن وتحيك القصص بشأن مصيره.نعم لقد تم نشر وبث العديد من أشرطة التسجيل والفيديو التي تم الادِّعاء بأنها لأسامة بن لادن، لكن كان يجري دوما التشكيك بموثوقية وصدقية تلك الأشرطة والتسجيلات، وبما إذا كانت بالفعل تعود لزعيم تنظيم القاعدة أم لا.
ومن بين المشككين بصحة أشرطة الفيديو والتسجيلات المذكورة تلك ديفيد راي جريفين، أستاذ سابق لمادة اللاَّهوت وعضو حركة "حقيقة 9/11"، وهي الحركة التي تشكك بدورها بالرواية الرسمية للهجمات التي استهدفت برجي مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك.
مصداقية أم تلفيق؟
يقول جريفين: "لا يمكن إثبات أن أيا منها (أي الأشرطة والتسجيلات) أصلي أو حقيقي. لا بل يمكن الإثبات بشكل شبه أكيد أن ثلاثة منها على الأقل كانت ملفَّقة."ويضيف: "وإن كان هنالك من أحد يقوم بتلفيق وتزوير أشرطة بن لادن، فإن ذلك يقود إلى الشك والارتياب بأن كافة أشرطة الفيديو قد جرى تلفيقها وتزويرها."
وأول مثال يسوقه جرفين على أشرطة بن لادن "الملفقة" هو شريط كان قد بُثَّ من قبل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في عام 2001، ويعترف فيه بن لادن بالمسؤولية عن هجمات 9/11. ورغم ذلك، يشير جريفين إلى أن تنظيم القاعدة نفسه نادرا ما يعترف بمسؤوليته عن القيام بهجمات إرهابية.
أكثر بدانة
لا يمكن إثبات أن أيا منها (أي الأشرطة والتسجيلات) أصلي أو حقيقي. لا بل يمكن الإثبات بشكل شبه أكيد أن ثلاثة منها على الأقل كانت ملفَّقة
ديفيد راي جريفين، أستاذ سابق لمادة اللاَّهوت وعضو حركة "حقيقة 9/11"
كما أن معظم البيانات التي أدلى بها بن لادن مؤخرا هي مجرَّد تسجيلات صوتية، إذ تم بث شريطين فقط منذ عام 2001 ويظهر فيهما بن لادن وهو يتحدث. ويقول جريفين إن الشريطين المذكورين "ملفَّقان".
ويجادل بالقول إن ما جاء في الشريط الذي جرى بثه في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2004، أي قُبيل أيام فقط من من الانتخابات الرئاسية الأمريكية حينذاك، يفتقر إلى البلاغة الخطابية التي طالما صبغت الخطب والبيانات السابقة لزعيم القاعدة بصبغتها.
إلاَّ أن المفارقة أن ذلك الفيديو نفسه هو الذي ساعد الرئيس الأمريكي حينذاك على ضمان فوزه بولاية رئاسية ثانية، حسب اعتقاد جريفين.
اهتمام أكبر
لكن آخر شريط فيديو لأسامة بن لادن، والذي بُثَّ في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2007، كان قد لفت إليه القدر الأكبر من الاهتمام والانتباه.يطلق جريفين على ذلك الشريط اسم "اللحية السوداء: الشريط الإرهابي." ويضيف قائلا لقد تم استبدال اللحية التي يخطها الشيب، والتي تميِّز بن لادن، بأخرى أكثر تشذيبا وأكثر سوادا، كما أن هنالك العديد من الأطر التي تظهر في شريط الفيديو الذي يبدو فيه بن لادن وهو يواصل الحديث بينما تظل صورته ثابته لا تتحرك.
عندما يتكلم في تسجيل صوتي، يأتي دوما على ذكر أمر راهن
مايك شيوير، ضابط سابق في الاستخبارات المركزية الأمريكية
تلاعب بالأشرطة
يقول باير بشأن الشريط المذكور: "(إن القاعدة) لها مصلحة بالتلاعب بالشريط ومعالجته ببراعة لكي يبدو وكأنه كالأشرطة الحالية. فأنت بإمكانك تعديل الصوت رقميا لكي تقول أي شيء. كما تستطيع تغيير الأشهر والأعوام وتسجيل أصوات ومقاطع ووضعها داخل تسجيل والقيام بتحويرها."وقد طلبت بي بي سي من أندي لوز، وهو خبير بشؤون تحليل الصور العسكرية وسبق له أن عمل لصالح القوات الجوية الملكية البريطانية، أن يجري تحليلا لشريط لا يوجد أدنى شك بأنه لأسامة بن لادن ويعود تاريخه لعام 1998، وأن يقارنه بما سمّي بـ "شريط الاعتراف" الذي بُثَّ في عام 2001، وشريط "اللحية السوداء" لعام 2007.
وكانت النتيجة التي توصَّل إليها لوز هي أن السبب الذي جعل بن لادن يبدو في شريط عام 2001 أكثر بدانة هو عملية التحرير التي أُجريت على الشريط، إذ جرى إضافة الترجمة وتم تكثيف الصورة وتغيير معالمها. والنتيجة النهائية التي خلص إليها الخبير البريطاني هي أن "كل الأشرطة تعود لنفس الشخص: أي أسامة بن لادن".
تلفيق الأشرطة
في هذه الحالة، الواقع الصعب هو أننا نحاول العمل في منطقة ربما تكون الأصعب في العالم، ونتعقب أثر شخص بالغ المكر والدهاء، بالإضافة إلى كونه مراوغا وقادرا على التملص والهروب، ويبذل جهدا معتبرا للبقاء خارج تغطية أجهزة راداراتنا
آرت كيلر، عميل سابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
ويردف بالقول: "من الناحية الفنية والتقنية، يمكن عمل مثل هذه الأشياء في أيامنا هذه وعصرنا هذا. لكن ليس بذلك القدر من الهدوء والطمأنينة."
ويختم بقوله: "لا بد وأن يكون هنالك ثمة عديد من الأشخاص على صلة بالموضوع (أي تلفيق الأشرطة إن حدث)، وعندئذ لا بد أن يكون الأمر قد انتشر الآن وشاع السر."
لقد صدر عن بن لادن حوالي 40 بيانا منذ هجمات 9/11، والعديد منها يحتوي على إشارات واضحة لتواريخ معاصرة. ففي بيانين أصدرهما زعيم تنظيم القاعدة العام الماضي هنالك ذكر لاسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
"لا يزال حيَّا"
يقول مايك شيوير وهو ضابط سابق في الاستخبارات المركزية الأمريكية، وسبق له أن أسس وأدار الوحدة المسؤولة عن متابعة قضية بن لادن في الوكالة، إنه يعتقد بأن بن لادن لا يزال حيَّاً يُرزق.يضيف شيوير قائلا: "عندما يتكلم في تسجيل صوتي، يأتي دوما على ذكر أمر راهن. كما أن وكالة الأمن القومي الأمريكي ومقر مؤسسة الاتصالات الحكومية البريطانية هما جهتان جيدتان للغاية بتحليل التسجيلات الصوتية وتحليلها."
عميل آخر
ونمضي إلى عميل سابق آخر لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وهو آرت كيلر، الذي يبدو أكثر صرامة وحدة في التعبير عن رفضه لنظريات المؤامرة بشأن بن لادن.يقول كيلر: "أعتقد أن نظريات المؤامرة تلك التي تقول إنه (أي بن لادن) ميِّتا تبعث على الضحك. فمن الأسهل شرح الأمور باللجوء إلى المؤامرة بدل مواجهة الواقع الصعب."
ويختم بقوله: "في هذه الحالة، الواقع الصعب هو أننا نحاول العمل في منطقة ربما تكون الأصعب في العالم، ونتعقب أثر شخص بالغ المكر والدهاء، بالإضافة إلى كونه مراوغا وقادرا على التملص والهروب، ويبذل جهدا معتبرا للبقاء خارج تغطية أجهزة راداراتنا."
BBC ARABIC
ملحوظة للقراء : هذه النظرية تم تداولهاعلى صفحات النت قبل سنة 2005.. وعلى المواقع الامريكية قبل الاخرى..
0 التعليقات:
إرسال تعليق